« يمكن حمل
كلامهما على من صاح لا بالمجني عليه بل اتفق كونه هناك وإن عبرا بالصيحة بهما » [١] قلت : لم تحك لنا
عبارة المهذب ، وأما عبارة المبسوط [٢] ، فقد قيل إنه ذكر أولا الصبي والمعتوه والغافل ولم يتعرض
للمريض ، ثم قال في آخر كلامه : « ثم ينظر فإن كان فعله عمدا فالدية مغلظة في ماله
عندنا ، وعندهم على العاقلة بلا خلاف وإن كان إنما صاح خطأ فالدية مخففة على
العاقلة بلا خلاف » وهو صريح في الموافقة مما ذكرنا فلا خلاف ولا إشكال.
هذا كله فيما إذا
مات بفعل المخيف ( أما لو فر فألقى نفسه في بئر أو ) من ( أعلى سقف ) وكان بصيرا ( قال الشيخ : لا
ضمان لأنه ألجأه إلى الهرب ، لا إلى الوقوع ) في البئر الذي اختاره
( فهو المباشر لإهلاك نفسه ) وحينئذ إن كان المخيف مسببا لذلك لكنه غير ملجئ إليه
( فيسقط حكم التسبيب ) كالحافر والدافع
( وكذا لو صادفه في هربه سبع فأكله ) في ترجيح المباشرة على التسبيب غير الملجئ ، وقواه الشهيد ، قال : « لأن
الهارب إما مختار أو مكره ، فإن كان مختارا فلا ضمان ، وإن كان مكرها فغايته أن
يكون مثل مسألة ـ أقتل نفسك وإلا قتلتك ، فقتل نفسه ـ فإنه لا ضمان ، إذ لا معنى
للخلاص عن الهلاك بالهلاك » [٣] ولأن المباشر فيه أقوى من السبب ، ورد « بأن المكره هنا
على تقديره من غير مباشر للقتل ، فاعتبر السبب ، بخلاف القاتل نفسه ، فإنه يترجح
فيه المباشر على السبب فافترقا » [٤] وفيه أن المفروض هنا إلقاء نفسه بالبئر فهو حينئذ كالمباشر
لقتل نفسه.