من عدم قبولها
ظاهرا وقبولها باطنا ، لا أن المراد به مجرد سقوط العقاب عنه في الآخرة وإن حكم
بنجاسته في الدنيا وببطلان عباداته ، ولا أن المراد به قبولها في ذلك بالنسبة إليه
خاصة دون غيره ممن يباشره ، إذ هما معا كما ترى.
مؤيدا ذلك كله بما
وقع من غير واحد في بحث القضاء من الصلاة أن المرتد يقضي زمان ردته وإن كان عن
فطرة ، بل لا خلاف معتد به فيه عندهم ، بل حكى غير واحد الإجماع عليه ، بل في
ناصريات المرتضى إجماع المسلمين على ذلك ، وهو لا يتم إلا على قبول توبته في غير
الأحكام المزبورة.
وبظهور [١] التقييد في قوله
تعالى [٢]( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ
فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ ) في أن من لم يمت كذلك لم يكن له الجزاء المزبور بعد إطلاق
المرتد بقسميه ، وبقوة [٣] عمومات التوبة المؤيدة بالعقل وبغير ذلك.
ولكن قد ذكرنا
المناقشة في ذلك كله وقلنا : لا مانع عقلا من عدم القبول وإن عوقب عقاب المكلفين
على ما وقع من سوء اختياره ، خصوصا بعد أن تقدم إليه في ذلك ، بل لو سلم اقتضاء
العقل ذلك أمكن أن يخذلهم الله عن التوفيق لها ، كما أنه لو سلم القبح في مثل
الفرض أمكن التزام سقوط التكليف باعتبار تنزيله منزلة الميت ، ولذا تعتد زوجته منه
، وتقسم أمواله ، بل لو سلم امتناع ذلك أمكن رفع العقاب الأخروي بها دون إجراء
أحكام الكفار ظاهرا وإن عذر
[١] عطف على قوله : «
بما وقع من غير واحد ». (٢) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢١٧.