وإن كان حقا
للعباد كالقصاص والقذف فيأتي المستحق ويمكنه من الاستيفاء ، فان لم يعلم المستحق
وجب في القصاص أن يخبره ، ويقول : أنا الذي قتلت أباك فلزمني القصاص ، فإن شئت
فاقتص وإن شئت فاعف.
وفي القذف والغيبة
إن بلغه فالأمر كذلك ، وإن لم يبلغه فوجهان من أنه حق آدمي فلا يزول إلا من جهته ـ
وفي المسالك وإليه ذهب الأكثر ـ ومن استلزامه زيادة الأذى ووغر القلوب ، وعلى
الأول فلو تعذر الاستحلال منه بموته أو امتناعه فليكثر من الاستغفار والأعمال
الصالحة عسى أن تكون عوضا عما يأخذه يوم القيامة من حسناته إن لم يعوضه الله عنه ،
ولا اعتبار فيه بتحليل الوارث وإن ورث حد القذف ، أما الحق المالي إذا مات مستحقه
فإنه ينتقل إلى وراثه ويبرأ بدفعه إليهم وبابرائهم منه وهكذا ، فينتقل من وارث إلى
آخر ، ومتى دفع هو أو أحد من ورثته أو بعض المتبرعين إلى الوارث في بعض الطبقات
برئ منه وإن بقي إلى يوم القيامة ففي مستحقه حينئذ أوجه.
قلت : الظاهر عدم
اعتبار الخلوص من توابع الذنب في التوبة منه التي قد عرفت أنها الندم على وقوعه
منه والعزم على عدم إيقاعه ، ودعوى أن الندم على ذلك لا يتحقق إلا بالخلاص مما
تبعه ومنه واضحة الفساد ، ضرورة كون ذلك واجبا آخر ، نعم لو فرض كون التابع من
أفراد الذنب الذي فرض التوبة عنه اتجه حينئذ ذلك ، لعدم تحققها حينئذ بدونه ، كما
لو تاب عن ظلم الناس والفرض وجود ما لهم عنده ، فلا توبة في الحقيقة عن ذلك إلا مع
الخروج عما في يده وإرجاعه إليهم بطريقه الشرعي ، وإلا هو باق على الظلم ، بخلاف ما
لو تاب عن قتل الناس مثلا وإن قصر ببذل القصاص من نفسه ، إذ هو ذنب آخر ، وقلنا