ومن هنا حمل على
إرادة التنصيف ميراثا وإن بعد في بعضها ، بل قد سمعت تأويل الشيخ ومن تبعه بذلك ،
وإن كان هو خلاف صريحه في التهذيب ، إلا أنه لا يخفى عليك شذوذه بعد الإحاطة بما
ذكرناه ، حتى على تقدير خلافه أيضا في النهاية والقاضي والكيدري ، على أن المحكي
عن مهذب الثاني وكامله الوفاق.
ومن الغريب
الاستدلال له بإطلاق ما دل [١] على عدم استقرار المهر إلا بالدخول المعلوم كونه مساقا
لبيان عدم استقراره بالخلوة ، وبأن فرقه الموت أشد من فرقة الطلاق الموجب للتنصيف
الذي هو من القياس الباطل.
فالعمدة حينئذ
النصوص المزبورة وغيرها مما دل على ذلك مع عدم المعارض لها ، بخلاف صورة العكس ،
حتى ادعى بعضهم تواترها وإن كان واضح الفساد إن لم يرد القطع باللفظ القابل
للتنزيل على إرادة التنصيف من جهة الإرث ، ضرورة عدم اجتماع شرائط التواتر المصطلح
فيها ، واحتمال إرادة القطع بمضمونها على الوجه المزبور معلوم الفساد بعد اتفاق
الفتاوى ـ كما عرفت ـ على خلافه.
بل في نكت المصنف
بعد أن أورد عبارة النهاية التي هي « وإن ماتت المرأة قبل الدخول بها كان
لأوليائها نصف المهر » قال : « هذا يصح إذا لم يكن لها ولد ، فان المستقر في
المذهب ـ وهو أصح الروايتين ـ أن المهر تملكه المرأة بنفس العقد ، ولو مات أحدهما
كان المهر ثابتا بأجمعه فإذا ماتت ورث الزوج نصفه ، وكان الباقي لباقي ورثتها ،
لكن الأفضل أن لا يأخذوا إلا نصفه ، وحصة الزوج في النصف معهم » وظاهره المفروغية
من ذلك ، ولذا نزل عليه عبارة الشيخ كما سمعت ، ونحوه غيره في ذلك.
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٥٤ ـ من أبواب المهور من كتاب النكاح.