والظاهر عدم كون
التعدي والتفريط الموجبين للضمان في الأمين من ذلك حتى يصح التعدي منها إلى ما
ماثله في غير الأمين ، فيكون دلالة السارق وفتح الباب ومنع المالك حراسة ماشيته
موجبا للضمان ، باعتبار إيجاب مثله في الأمين الذي مدار ضمانه على التعدي والتفريط
الصادق ثانيهما في المفروض إذا كان من الأمين دون غيره ، فتأمل جيدا في جميع ما
ذكرناه ، فإنه دقيق نافع لم أجده محررا في كلامهم.
ومنه يعلم عدم
اعتبار قصد توقع العلة فيه ولا أكثرية ترتب التلف به ولا منشأيته ، ضرورة إطلاق
النصوص المزبورة الضمان بالأمور المذكورة من غير تقييد لشيء منها بشيء من ذلك ،
كضرورة كون مراد الأصحاب بما ذكروه من موجبات التضمين بالتسبيب هنا أن الضمان يكون
به ، لا أن المراد متى صدق السبب حصل الضمان ، ضرورة وقوع حفر البئر الذي لا إشكال
في كونه سببا نصا [١] وفتوى على وجوه عديدة لا ضمان فيها.
ولعله لذا وغيره
قيد ما حكاه بعضهم من الإجماع على التضمين بالسبب بقوله : « في الجملة ».
وقال في المسالك :
« واعلم أيضا أن تمثيل المصنف السبب بحفر البئر في غير الملك تخصيص للسبب الموجب
للضمان ، فإن حفره ـ وإن كان في ملك الحافر ـ يكون سببا في الهلاك لكنه غير مضمون
، فالسبب المعرف سبب خاص ، وهو الموجب للضمان وإن كان التعريف صادقا على ما هو أعم
» وإن كان آخر كلامه لا يخلو من نظر في الجملة.
وعلى كل حال فقد
أطلق المصنف وغيره كون حفر البئر في غير الملك سببا للضمان ، وهو أعم من الحفر في
طريق مسلوك أو في ملك الغير
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٨ ـ من أبواب موجبات الضمان ـ من كتاب الديات.