المصنف تبعا للشيخ
تقديم قولها أيضا في نفي العوض ، لأصالة براءة ذمتها منه ، ولا شيء للزوج على
الأجنبي لاعترافه بأن الخلع لم يجر معه وتحصل البينونة بقول الزوج ، ولا يقال :
إنه أقر بعقد أنكرته المرأة وصدقناها بيمينها فيلغو ويستمر النكاح ، كما لو قال :
« بعتك هذه العين بكذا » فأنكر صاحبه وقبلنا قوله بيمينه ، فان العين تبقى للمقر ،
وذلك لأن الخلع يتضمن إتلاف المعقود عليه ، وهو البضع ، والبيع لا يتضمن إتلاف
المعقود عليه ، ألا ترى أن البيع يفسخ بتعذر العوض ، والبينونة لا تسترد ، فإذا
كان كذلك فإقراره بالخلع المتضمن للإتلاف إقرار بالإتلاف فلا يرد ، ونظيره من
البيع أن يقول : بعتك عبدي هذا بكذا فأعتقته وأنكر فإنما يصدق بيمينه [١] ويحكم بعتق العبد
بإقراره ، فهذا تحرير الحكم المذكور ، وهذا البحث إنما يتم إذا قلنا بأن خلع
الأجنبي المتبرع صحيح ليكونا متفقين على وقوع العقد صحيحا ، أما على ما يذهب إليه
المصنف والشيخ بل الأكثر أشكل تقديم قولها ، لأنها حينئذ تدعي فساد الخلع ، وهو
يدعي صحته ، فينبغي تقديم قوله ، إلا أن يقال : إن مرجع اختلافهما إلى وقوع عقد
المعاوضة معها وهي تنكر ذلك ، فيقدم قولها ، لأصالة عدم التزامها بذلك ، كما لو
ادعى أنه باعه شيئا فأنكر وأضاف إلى ذلك دعوى بيعه من فلان ، فإنه لا يسمع في حق
الغير ، ويقدم قوله في نفيه ، ولا يخلو ذلك من نظر ، ولا ما بين المسألتين من
الفرق ، وعلى التقديرين يحكم عليه بالبينونة بمجرد دعواه ، لاعترافه بها ، وإنما
الكلام في ثبوت العوض ».
قلت : كأنه رحمهالله لم يحم حول
المسألة أصلا ، وليته تنبه مما ذكره أخيرا من أن البينونة ثابتة على كل حال
والكلام في ثبوت العوض ، ضرورة أنه إذا كان الأمر كذلك فليس هو إلا مدع وهي منكرة
، فضلا عن إساءة الظن بمثل
[١] هكذا في
النسختين المخطوطتين : المبيضة والمسودة وفي المسالك « فانا نصدقه ».