الأصل في مال
الخلع أن يكون في ذمة الزوجة ـ واضح الضعف ، والأصل المزبور غير أصيل ، خصوصا بعد
ما عرفت غير مرة أن العوض في الخلع ليس من أركانه ، لا بمعنى صحته بدونه ، بل
المراد عدم اشتراط صحته بصحته ، فالدعوى فيه حينئذ لا مدخلية لها في الخلع.
ومن هنا حكم
الأصحاب بأن القول قولها في نفيه وإن أجابت الدعوى بما يقتضي فساد البذل ، لعدم
كون المقام من مدعي الصحة والفساد ، خصوصا بعد أن اقتضى إقرار الزوج بالخلع الصحيح
تلف المعقود عليه ، لعدم تمكنه من رد البضع على كل حال ، فدعواها الفساد حينئذ
ترجع إلى دعوى نفي حق له عليها ، لا إلى إثبات حق لها عليه ، نعم لو كانت دعوى
الفساد منه ودعوى الصحة منها اتجه حينئذ تقديم قولها بيمينها ، لأنها تريد إثبات
حق البينونة لها عليه ، وهو بدعوى الفساد يريد أن يثبت حق الرجوع له عليها ، فتأمل
جيدا ، فإن المسألة في غاية الدقة.
ولذا خفي مدركها
على ثاني الشهيدين وبعض من تبعه ، فإنه ـ بعد أن حكى عن الشيخ القول الأول ونسبه
إلى عمل المتأخرين ، وعن ابن البراج القول الثاني قال ـ : « والقولان مطلقا غير
منقحين ، والتحقيق أن نقول : دعواها وقوع المخالعة منها على الألف في ذمة زيد ،
إما أن يكون بمعنى أن لها في ذمة زيد ألفا فخالعته بها ، أو بمعنى أنها خالعته
بألف يثبت له في ذمة زيد ابتداء من غير أن يكون لها عند زيد ألف ، فإن أرادت
المعنى الأول فلا يخلو إما أن يوافقها الزوج على أن لها في ذمة زيد ألفا أولا ،
وعلى تقدير عدم موافقتها إما أن يكون زيد مقرا لها بالألف أو لا ، فان كان الزوج
موافقا لها على ثبوت الألف في ذمة زيد وزيد مقر لها بنى قبول قولها على أن العقد
على دين في ذمة الغير هل يجوز أم لا ، وكلامهم هنا قد يؤذن بجوازه ، لكن لم ينبهوا
عليه في الفدية وشرائطها ، وجوازه في البيع محل نظر ، وأما هنا فلا يبعد الجواز
للتوسع في هذا العقد بما لا يتوسع به في المعاوضة المحضة ،