وبالجملة فما أدرى
ما الذي دعاه إلى هذا الاطناب مع خروجه عن السداد والصواب؟! خصوصا على مذهبه في
غير المقام فضلا عنه الظاهر من النصوص [١] توسعة الأمر فيه.
ولو قال : « أنت
طالق على أن عليك ألفا » صح مع تقدم سؤالها ذلك أو تأخر قبولها بحيث لم يخرج عن
قبول المعاوضة ، ودعوى أنها صيغة شرط في الطلاق ـ فيكون قد علق طلاقها على شرط هو
أن يكون عليها ألف لا على وجه المعاوضة ـ كما ترى خلاف المنساق عرفا منها.
وأوضح من ذلك
فسادا دعوى البطلان في جميع صور تأخر القبول من المرأة ، لأن فيه شائبة التعليق
باعتبار ترتب الطلاق على قبول بذل المال كباقي الشرائط ، بخلاف ما لو تقدم بذلها ،
فان الواقع حينئذ يصير معاوضة منجزة شبه الجعالة ، لأنها تبذل المال في مقابلة ما
يقع من الطلاق ، فإذا أتى به وقع موقعه وحصل غرضها ، كالجعالة التي تبذل في مقابلة
ما يستقبل من العمل.
وفيه ما قد عرفت
سابقا من أن التعليق المنافي المقتضى لمفارقة المسبب سببه ، والشائبة المزبورة هي
مقتضى المعاوضة ، فإن من ابتدأ البيع وقال : « بعتك هذا » معناه أنك إن أعطيتني
العوض ملكتك المعوض ، ولكنه ليس تعليقا وإنما هو تحليل للقصد بالمعاوضة ، ومثله
غير قادح قطعا.
وكيف كان فالبحث حينئذ
في صحة الطلاق في جميع الصيغ المقصود بها المعاوضة وعدمه متحد ، وقد صرح جماعة
بصحة الطلاق مع فرض فساد العوضية بعدم القبول أو غيره ، وكونه رجعيا إن صادف
موضوعه وإلا كان بائنا ، لكن أشكله غير واحد بأن المقصود المقيد الذي ينتفي مطلقه
بانتفاء قيده ، فدعوى صحة المطلق الذي لم يقصد منافية لقاعدة ما قصد لم يقع وما
وقع لم يقصد.
[١] الوسائل الباب ـ
١ ـ وغيره ـ من كتاب الخلع والمبارأة.