قد ذكر غير واحد
من الخاصة والعامة أن للمفوضة المطالبة بفرض المهر ، وأن لها حبس نفسها عليه وعلى
تسلمه بعده ، وأنهما لو تراضيا بعد العقد بفرض المهر جاز ، لأن الحق لهما ، سواء
كان بقدر مهر المثل أو أزيد أو أقل ، وسواء كانا عالمين أو جاهلين ، أو كان أحدهما
عالما دون الأخر لأن فرض المهر إليهما ابتداء فجاز انتهاء بل ذلك بعد تراضيهما
لازم لهما ، فليس لأحدهما الرجوع عما وقع التراضي عليه ، بل يكون حينئذ كالواقع في
العقد ، نعم إن اختلفا وكان مفروض الزوجة حينئذ بقدر مهر السنة فصاعدا ففي المسالك
« في لزومه من طرفها وجهان من أنه لو فوض إليها التقدير لما كان لها الزيادة عليه
، وكذا للحاكم لما سيأتي ، ومن أن البضع يقتضي مهر المثل والخروج عنه في بعض
المواضع ( الموارد خ ل ) على خلاف الأصل فيقتصر عليه ، وكون ذلك للحاكم ممنوع »
وفي القواعد وغيرها « وإن اختلفا ففي فرض الحاكم إذا ترافعا إليه نظر ، أقربه أنه
يفرض مهر المثل » ولعل وجه النظر أنه إثبات للمهر في ذمة الزوج ، ولا يصح إلا
بتراضي الزوجين ، ولا مدخل فيه لغيرهما ، وفيه أن الحاكم معد لقطع الخصومات وليس
ذلك منه إثبات مهر في ذمة الزوج ، ضرورة أنها بالعقد ملكت أن تملك ، نعم لا يفرض
إلا مهر المثل كما في قيم المتلفات ما لم يتجاوز السنة ، فيرد إليها كما عن
التحرير التصريح به ، وأما لو رضيا بفرضه لزمهما ما فرضه مطلقا وافق مهر المثل أو
لا ، وافق السنة أو لا ، والأمر في هذا كله سهل.
انما الكلام في
دليل الأحكام الأول التي هي المطالبة بالفرض وحبس نفسها عليه وعلى تسليمه ، وأنهما
يلتزمان بما تراضيا عليه ، ولعل الوجه فيها بعد ظهور ذكرهم لها ذكر المسلمات في
الإجماع عليها أنها بالعقد ملكت أن تملك المهر عليه بالفرض أو الدخول ، فكان لها
المطالبة بذلك كي تعرف استحقاقها بالوطء