حينئذ وجوبه وان
توقف على مقدمات بعيدة ، كاستيجار شخص مثلا للإتيان بالماء من خارج المسجد وإتيان
الماء لإزالة النجاسة حيث يكون محتاجا لذلك على قياس غيره من التيممات ، وفورية
الخروج لا ينافي الاشتغال بمقدمات ما توقف الخروج عليه ، كما لو فرض احتياج التيمم
الى مقدمات من إتيان التراب ونحوه وان بلغ في زيادة المكث على زمن الخروج ،
والظاهر انه لا يقول بذلك أحد ، بل كان الاحتياج الى التيمم حينئذ من النادر الذي
لا ينبغي ان يؤمر به على الإطلاق ، وأيضا إيجاب التيمم مع طول زمان الغسل قاض
بتحكيم الرواية على ما دل على اشتراط التيمم بفقدان الماء ، وحيث تحكم فلتحكم
بإطلاقها الشامل لطول الزمان وقصره ، لكونها من قبيل الخاص بالنسبة إلى ذلك العام
، وإلا فتحكيمها بالنسبة الى بعض مدلولاتها من دون دلالة دليل على ذلك لا وجه له ،
على انه بعد التسليم المتقدم يكون التعارض بينها وبين غيرها من العمومات تعارض
العموم من وجه ، ولا ريب في الترجيح لها ، لمكان اعتضادها بفتوى الأصحاب وأقلية
أفرادها ، بل قد يدعى ان الفهم العرفي قاض بتحكيمها على العمومات كالخاص بالنسبة
للعام ، كما يظهر لك من ملاحظة قولنا مثلا يجب التيمم عند فقد الماء وقولنا
المحتلم في المسجد يتيمم ويخرج ، فإنه لا ريب في ان الفهم العرفي يحكم الثاني على
الأول ، فيكون المعنى إلا الجنب في المسجد ، سيما واشتراط فقدان الماء في التيمم
صار من قبيل الأصول والقواعد التي يكفي في الخروج عنها رائحة الدليل ، كما في
التيمم للنوم ونحوه ، وأيضا فإن أقصى ما يسلم من الاشتراط المذكور انما هو في
التيمم الذي يكون بدلا عن الماء ، والكلام فيما نحن فيه انه منه أولا ، ودعوى ان
الأصل في التيمم ذلك لو سلم يجب الخروج عنه بإطلاق الدليل.
بل في مقطوعة أبي حمزة [١] المروية في
الكافي بالمتن المتقدم في الصحيحة الأولى
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٥ ـ من أبواب الجنابة ـ حديث ٣.