نقصان الطهر انما
يؤثر فيما بعده لا فيما قبله ، وهنا لم يؤثر فيما بعده ، لأن ما بعد الولد نفاس
إجماعا ، فأولى ان لا يؤثر فيما قبله ، فيمنع حينئذ اشتراط طهر كامل بين الدمين
مطلقا ، بل بين الحيضتين ـ ضعيف لما عرفت ، ولا فرق فيما ذكرنا من الحكم
بالاستحاضة بين ما كان الحكم بالحيضية مستلزما لأقلية الطهر من عشرة وبين ما لا
يكون كذلك ، كما لو كان الدم المرئي قبل الولادة متصلا بها ، مع عدم المنافاة بين
حيضيته ونفاسية ما بعده ، كما لو رأت ثلاثة أيام متوالية قبل الولادة ثم ولدت ورأت
دم النفاس وانقطع في اليوم الخامس ، واحتمال الحكم هنا بالحيضية لعدم استلزامه
صيرورة الطهر أقل من عشرة ولا غير ذلك مما ينافيها ممكن ، إذ ليس في الأدلة ما يدل
على وجوب تخلل أقل الطهر بين الحيض والنفاس ، بل أقصاها كون الطهر لا يقصر عن عشرة
، نعم حيث كان النفاس حيضا احتبس اعتبر فيه ان لا يتجاوز هو مع سابقه العشرة ، أما
مع التجاوز فلا بد من الحكم باستحاضة السابق ، لكون ما بعد الولادة نفاسا إجماعا
حتى تنتهي الأيام التي يمكن فيها النفاسية ، وقد تحمل بعض عبارات من لم يشترط تخلل
النقاء على هذا ، لا الحكم بطهرية النقاء المتخلل وان قصر عن العشرة ، بل المراد
انه لا مانع من تعقب النفاس للحيض من دون تخلل نقاء ، لكن الظاهر من ملاحظة كلام
من تعرض لذلك عدم الفرق بين الصورتين أي صورة الاتصال وعدمه ، كما لعله الأقوى ،
ولذا نقل عن العلامة انه قال : « ولو رأت الحامل الدم على عادتها وولدت على
الاتصال من غير تخلل نقاء أصلا فالوجهان » انتهى.
قلت : ولعله لكون
النفاس عندهم بمنزلة حيضة مستقلة لا مدخلية لها بالحيضة الأولى ، ابتداؤها من حين
رؤية الدم بعد الولادة ، فيجب حينئذ ان يتخلل بين الحيضة الأولى وبين النفاس أقل
طهر ، وإلا لزم جواز تعاقب الحيضتين من دون تخلل الطهر ، مضافا الى ما سمعته من
الأخبار المتقدمة ، لظهورها في استحاضة الدم المتصل بدم النفاس ،