وإذ قد فرغ المصنف
من بيان أقسام المستحاضة شرع في بيان أحكامها ، فقال : وأما أحكامها فنقول ان لدم
الاستحاضة مراتب ثلاثة على المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا شهرة كادت تكون
إجماعا ، والمستفاد من ملاحظة مجموع الأخبار كما ستسمعها في مطاوي المبحث صغرى
ووسطى وكبرى ، فما عن ابن أبي عقيل من إنكار القسم الأول فلم يوجب له وضوءا ولا
غسلا ضعيف نادر ، بل في جامع المقاصد ان إجماع الأصحاب بعده على خلافه ، كضعف ما
ينقل عنه أيضا وعن ابن الجنيد وعن الفاضلين في المعتبر والمنتهى من إدخال الثانية
في الثالثة ، فأوجبوا تعدد الأغسال فيها كما سيظهر لك ذلك كله إن شاء الله ، نعم
في كثير من الأخبار قصور عن إفادتها تماما ، لكنه صريح المنقول عن الفقه الرضوي [١] ويقرب منه خبر عبد الرحمن بن أبي
عبد الله [٢] المنقول عن حج التهذيب ، قال فيه : « ولتستدخل كرسفا ،
فإذا ظهر على الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفا آخر ثم تصلي ، فإن كان دما سائلا فلتؤخر
الصلاة الى الصلاة ، ثم تصلي صلاتين بغسل واحد » الخبر ، ولا فرق فيما ذكرنا من
المراتب الثلاثة بين الدم والصفرة ، فما يظهر من جملة من الأخبار [٣] ان ليس للصفرة
إلا الوضوء ، بل كاد يكون صريح موثقة سماعة [٤] محمول على القليلة ، إذا الغالب كما قيل انه متى كانت صفرة
تكون قليلة بخلاف الدم ، وإلا كانت مطرحة للإجماع بحسب الظاهر على عدم الفرق ،
فتأمل.
ثم انه صرح جماعة
من الأصحاب بوجوب اعتبار الدم عليها ومعرفته على أي
[١] المستدرك ـ الباب
ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة ـ حديث ١.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة ـ حديث ٨.
[٣] الوسائل ـ الباب
ـ ٤ ـ من أبواب الحيض ـ حديث ١ و ٧ و ٨.
[٤] الوسائل ـ الباب
ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة ـ حديث ٦.