والمراد من قوله ( مِنْ
حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) الجهة التي أباحها الله ، وهي القبل والدبر ، فيكون القيد
للتعميم ، ولو سلم إرادة القبل منه باعتبار المنع حال الحيض فلا دلالة فيها على
عدم الجواز في الدبر ، أو بمعنى الجهة التي ندبكم إليها ، وهي القبل ، وانما خص ،
لاختصاصه بالاعتزال في الحيض ، أو ما سمعته في خبر ابن أبى يعفور [١] الذي يمكن أن
يكون معارضا لخبر معمر [٢] في تفسير آية الحرث ، سيما بعد المروي عن العياشي [٣] عنه قال : « سألت
أبا عبد الله عليهالسلام عن إتيان النساء في أعجازهن ، فقال : لا بأس ، ثم تلا هذه
الآية ( نِساؤُكُمْ ) » إلى آخرها ، وعن
زرارة [٤] عن أبى جعفر عليهالسلام « في قول الله ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ ) ، قال : حيث شاء »
اللهم إلا أن يراد منه الاستشهاد بها على أن المراد بالآية الأولى طلب الولد ،
لمكان الحرث ، لا أن المراد بها الجواز في الدبر ، ونصوص اللعبة مع ضعفها ولا جابر
لها مشعرة أو ظاهرة بالكراهة ، بل وكذا المروي عن أمير المؤمنين [٥]عليهالسلام ، وخبر أبى بصير [٦] أيضا.
ودعوى أعظمية
النجو من الحيض أذى ممنوعة ، على أن الأذى ربما كان لغير النجاسة من فساد الولد
ونحوه مما ورد [٧] في مفاسد الوطء في الحيض ، ويؤيده أن دم الاستحاضة نجس ولا
يجب الاعتزال له.
والمراد من آية
الحرث تسمية المرأة نفسها حرثا لشبهها بموضعه ، ثم أباح إتيانها أنى شئنا ، وهو لا
يستدعي الاختصاص بموضع الحرث ، ولذا يجوز التفخيذ نحوه إجماعا ، بل ادعى بعضهم
الإجماع على جوازه فيما بين السرة والركبة.
فالمتجه حينئذ حمل
نصوص المنع على الكراهة كما أومأ إليه نصوص الجواز بلفظ « لا أحب » و « إنا لا
نفعله » ونحو ذلك أو على التقية من العامة ، فإنه مذهب من عدا مالكا وجماعة من
الشافعية ، والشافعي في رواية كما قيل ، وهذا في الحقيقة مرجح آخر للمطلوب أيضا ،
ضرورة أنه على تقدير الجواز علم حمل رواية المنع ، ( يعلم
[١] الوسائل الباب ـ
٧٣ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥.
[٢] الوسائل الباب ـ
٧٢ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.
[٣] الوسائل الباب ـ
٧٣ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١٠.
[٤] الوسائل الباب ـ
٧٣ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١١.
[٥] الوسائل الباب ـ
٧٢ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١١.
[٦] الوسائل الباب ـ
٧٢ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٩.
[٧] الوسائل الباب ـ
٢٤ ـ من أبواب الحيض ـ من كتاب الطهارة.