كالتحرير في غاية
السقوط ، بل لم نعرفه قولا لأحد من المعتبرين وإنما يذكر احتمالا ، وتهجسا ،
فالوحدة المزبورة حينئذ تقتضي اعتباره أيضا حتى في الجهات العامة ، بعد فرض
مشروعيته فيها ، على نحو فرض مشروعية غيره من العقود فيها ، من الصدقة وغيرها ،
وإلا كان للوقف معنيان أحدهما عقدي ، والآخر إيقاعي ، وهو مناف للوحدة المزبورة ،
كما هو واضح ونافع وموافق للذوق السليم.
نعم قد يقال : إن
الأصل يقتضي عدم اعتبار القربة في صحته ، وإن كان هو خيرة الفاضل في القواعد ،
للأصل بعد اندراج فاقدها بناء على ما ذكرناه في العقود المأمور بالوفاء بها ، وفي
نحو قوله [١] « الوقوف على حسب
ما يقفها أهلها » وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم[٢] « حبس الأصل وسبل الثمرة » ونحوها ، وإطلاق الصدقة عليه في
كثير من النصوص ـ بل لم يذكر فيما ورد مما أوقفوه عليهمالسلام الا بلفظ الصدقة ، ومن المعلوم اعتبار القربة فيها خصوصا
بعد الصحيحين [٣] « لا صدقة ولا
عتق إلا ما أريد به وجه الله عز وجل » بل هو دال عليه في الفرض ، بناء على إرادة
الوقف منه أو ما يشمله ، وارادة نفي الصحة فيه كما هو الأقرب للحقيقة لا الكمال ،
بل لو سلم إطلاقها عليه من باب المجاز فهو من التشبيه البليغ أو الاستعارة
المقتضيين للمشاركة في الأحكام الظاهرة التي لا شك في كون القربة منها ، مؤيدا ذلك
كله بما صرح به في وقوفهم من وقوع ذلك منهم ابتغاء وجه الله ـ لا يقتضي ذلك ،
ضرورة عدم اقتضاء شيء من ذلك أن الوقف جميعه من الصدقة ، بل أقصاه أن منه ما يكون
كذلك ، وهو ما قصد به وجه الله تعالى ، وهو الذي وقع منهم عليهمالسلام ولذا اتبعوه بذلك
، ولا دلالة فيه على اعتبارها في صحته على وجه ، بحيث لو وقف على ولده ونحوهم من
دون ملاحظة القربة يكون باطلا ، مع أن مقتضى ما سمعته من الإطلاقات صحته ، وما من
الغنية والسرائر من الإجماع على ذلك لم نتحققه ، لخلو كثير من عبارات الأصحاب
المشتملة على بيان شرائطه عنه.
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٢ ـ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات.