ذلك منه نسيانا
للوصية ، أو الدلالة على قصد الرجوع ، نحو ما ستسمعه من التعريض لما هو مناف
للوصية وتظهر الثمرة حينئذ في البطلان بما أوقعه من البيع ، وإن ظهر فساده ، لكن
ستعرف المناقشة في دلالة ذلك ونحوه على إرادة إنشاء الرجوع.
وأما الوصية ببيعه
فالظاهر الرجوع بها لمنافاتها لمقتضى الوصية الأولى الذي هو الملك بالموت فهو
كالوصية به لزيد ، ثم الوصية به لعمرو ، الذي قد عرفت الكلام فيه.
لكن في المسالك إنها
من فعل ما يدل على إرادة الرجوع ـ نحو مقدمات الأمور التي لو تحققت لنا قضت الوصية
كالتعريض للبيع ونحوه مما هو ناقل للملك أو مزيل له نعم لو دلت قرينة ـ على عدم
إرادة الرجوع بذلك وأنه لغرض آخر عمل عليها وإلا ـ حمل على الرجوع عملا بظاهر حال
العاقل ، وقد جعل منه الهبة قبل القبض ، وكذا الرهن بناء على اعتباره فيه.
وفيه أن أقصى ذلك
كون الموصى قد قصد شيئا لو تحقق لأبطل الوصية قهرا ، ولا دلالة في ذلك على إرادته
إنشاء الرجوع ، بعد احتماله وجوها متعددة ، ودعوى ظهور حاله في ذلك ممنوعة ، ولو
سلم فلا دليل على صحته في مثل المقام.
نعم قد يقال : إن
الهبة قبل القبض والرهن كذلك من المنافي فإنهما وإن لم يحصل بهما الملك والرهن ،
إلا أن الأعداد لذلك مناف أيضا فإن الموصى به ينافيه تعلق عقد الهبة به مثلا ،
فيكون حينئذ من القسم الأول ، مع أنه لا يخلو من نظر أو منع أيضا خصوصا مع ملاحظة
استصحاب الوصية.
وكذا النظر فيما
ذكره غير واحد أنه به يتحقق الرجوع وهو لو تصرف ( في الموصى بـ ) ه تصرفا أخرجه
عن مسماه ، كما إذا أوصى بطعام فطحنه أو بدقيق فعجنه أو خبزه لأنه كتلف محل الوصية
المقتضى لبطلانها من غير حاجة إلى قصد ، بل لو وقع ذلك نسيانا منه أبطلها ، بل
الظاهر كونه كذلك أيضا إذا وقع لا بفعله ، فإنه وإن كان جيدا لكن ينبغي تقييده بما
إذا علم أن الموصى به من حيث كونه مسمى باسم خاص ، بخلاف ما إذا علم كون الوصية به
من حيث الذات التي لا تبطل الوصية بها حينئذ مع تغير حقيقتها ، فضلا عن تغيير أحوالها
التي تتغير به أسماؤها أما إذا لم يعلم الحال كما لو اقتصر على حنطتي مثلا لزيد
بعد