بتشديد الياء وقد
تخفف نسبته إلى العار ، أي العيب ، أو العارة مصدر ثان لأعرته ، وعن بعض مأخوذة من
عار يعير إذا جاء وذهب ، ومنه قيل للبطال عيار ، لتردده في بطالته ، سميت عارية
لتحولها من يد إلى يد ، وعن آخر أنها مأخوذة من التعاور والاعتوار ، وهو أن يتداول
القوم الشيء بينهم.
وعلى كل حال فـ ( هي
عقد ) يعتبر فيه إنشاء الربط بين الإيجاب والقبول ، لا إيقاع يكفي فيه الإذن في
الانتفاع من المالك ، إذ هو حينئذ من الإباحة التي منها الانتفاع بظروف الهدايا
بالأكل ونحوه ، مما جرت السيرة به ، وانتفاع الضيف في الدار والفرض والأواني
ونحوها ، لا العارية المزبورة ، اللهم إلا أن يقصد ذلك لضيف مخصوص ، ويقبله فعلا
أو قولا بهذا العنوان.
نعم هي على حسب ما
سمعته في العقود اللازمة تقع بالإيجاب والقبول اللفظيين وهما العقد بالمعنى الأخص
، وربما قيل : منه أيضا ما إذا كان القبول فعليا ، وأما إذا كانا فعليين أو كان
الإيجاب فعليا فهو من المعاطاة ، بناء على مشروعيتها فيها بدعوى السيرة المستمرة
بعنوان العارية ، وإن كان الأقوى أنها إباحة لا بعوض ، كما سمعته مرارا.
وأما احتمال أنها
من العقد فلا ينبغي أن يصغى إليه ، فمن الغريب دعوى بعضهم أن الانتفاع بظروف
الهدايا من العارية ، لأنه انتفاع بملك الغير باذنه وإن لم يكن لفظ ، بل بشاهد
الحال ، ضرورة عدم الاكتفاء بذلك في تحقق العارية من دون إنشاء قصدها من الطرفين ،
وجواز الانتفاع بالإذن أعم منها كما هو واضح. وخصوصا ما لو كان بطريق الفحوى
القطعية أو بشاهد الحال.