بل ليس فيه إلا
الوجه الذي ذكره المصنف ، وذلك لان صريح العبارة أو كصريحها كون العمل من كل منهما
معلوما ، إلا أنه لم يكن بأجرة مسماة ، وإنما سميت الأجرة لمجموع العملين بعنوان
شركة الأبدان من الأجيرين ، وهذه ليس فيها بعد فرض صحة الإجارة إلا التوزيع على
أجرة مثل عمليهما ، نحو بيع المالين المنفردين لشخصين الذي تقدم الكلام فيه سابقا.
وقد ذكرها العلامة
سابقا على هذه المسألة فقال : « ولو باعا بثمن واحد ، أو عملا بأجرة واحدة تثبت
الشركة ، سواء تساوت القيمتان أو اختلفتا ، ولكل منهما بقدر النسبة من القيمة »
ومفروض العلامة في القواعد ليس فيه إلا وجهين التساوي بالأجرة والأصح الصلح ، وهو
ما إذا لم يتميز عمل كل منهما ، قال : « وإذا تميز عمل الصانع عن صاحبه اختص
بأجرته ، ومع الاشتباه يحتمل التساوي والصلح » ، ومراده أنه مع تمييز العمل يختص
بالأجرة ، ولو ما يخصه من التوزيع ، أما مع اشتباه العمل ففيه الاحتمالان ، وكان
وجه الأول منهما اجتماع الأجرتين معا في ذلك الحاصل ، لانه الفرض ، والأصل عدم
زيادة أحدهما على الآخر ولأن الأصل مع الاشتراك التساوي.
ولكن فيه أن الأصل
المذكور ممنوع هنا ، فإن زيادة مال شخص على آخر ونقصانه أو مساواته له ليس أصلا ،
إذ لا رجحان لأحدهما على الآخر ، لا بحسب العادة ولا في نفس الأمر وإنما يتحقق في
مثل ما إذا اشتركا في السبب المملك ، كما لو أقر لهما بملكية شيء ، أو أوصى لهما
أو وقف عليهما ، فإن السبب المملك لهما هو الإقرار والوصية والوقف ، والأصل عدمها
، بخلاف ما نحن فيه ، فإن العمل الصادر من أحدهما غير الصادر من الآخر ،
واستواءهما وتفاوتهما على حد سواء بالنسبة إلى النفي بالأصل ، فليس حينئذ إلا
الصلح ، كما في كل مالين امتزجا ، وجهل قدر كل منهما ، بل لعل ذلك كذلك حتى لو
تميز عمل أحدهما ، وجهل الآخر ، أو تميز بعض عمل كل منهما ، وجهل الباقي ،
وبالجملة متى جهلت النسبة بين العملين ، اللهم إلا أن يقال : إن التساوي هو الراجح
منهما ، فيكون كالأصل ، لان فضله كالأمر العدمي ، لكن لنا في ذلك نظر ذكرناه في
محله ، وعلى كل حال فهو غير موضوع