لكن ذلك ونحوه لا
نرى أحدا مصرحا به من الأصحاب ، بل في المسالك والمحكي من غيرها ما يقتضي خلافه ،
وأنه لا تشتغل ذمة المضمون عنه ، إلا حين أداء الضامن ولعله للأصل مع عدم ثبوت كون
الضمان أداء بالنسبة إلى ذلك ، وإن كان هو كالأداء بالنسبة إلى براءة ذمة المضمون
عنه ، فلا سبب حينئذ لشغل ذمة المضمون عنه إلا الأداء المأذون فيه بالاذن بالضمان
، لقاعدة احترام مال المسلم ، وحينئذ فالنصوص [١] الدالة على عدم الرجوع الا به ، وإلا بمقدار ما أدى كاشفة
عن ذلك ، لا أنها مخصصة لقاعدة تسلط من له الدين على من عليه ، ولا أنها مفيدة
لاحكام آخر يصعب التزامها ، ولعل هذا هو الأقوى ، وحينئذ لا يكون ما يدفعه المضمون
عنه قضاء بل هو مدفوع ليكون وفاء له إذا أدى.
بل في المسالك «
لا يبعد كونه مضمونا عليه ، لقاعدة على اليد ، وكونه كالمقبوض بالسوم » ، واستشكل
فيه في التذكرة بعد أن حكم به. نعم لو قال المضمون عنه للضامن : اقض به ما ضمنت
عني ، فهو وكيل والمال في يده أمانة ، والفرق بينه وبين ما سبق واضح ، لأنه دفعه ـ
في السابق ـ إليه إما مطلقا ، أو أنه الحق المضمون ، وعلى التقديرين ليس مستحقا
عليه للضامن ، بخلاف قوله اقض به ما ضمنت ، فإنه وكالة في قبضه ودفعه.
قلت : قد يقال :
إن مرجع الأول إلى الأمانة أيضا ، ضرورة عدم كونه وفاء فعلا قبل الاشتغال ، فليس
هو إلا على ملك المضمون عنه ، بل لا بد من التزام التوكيل للضامن في قبضه وفاء بعد
الأداء ، فلا ضمان حينئذ ، والقياس على المقبوض بالسوم ليس من مذهبنا ، وقاعدة على
اليد مخصصة بالأمانة ، ولعله استشكل فيه في التذكرة ، وهو في محله ، نعم لو دفعه
له بعنوان القرض له مقدمة لحصول التهاتر بعد الأداء أمكن ، لكنه غير المفروض.
وكيف كان فـ ( لو
قال ) أي الضامن على ما في المسالك للمضمون عنه ادفعه أنت إلى المضمون له ، فدفعه
فقد برئا أما الضامن فلوفاء دينه ، وأما المضمون عنه فلأن الضامن لم يغرم ، فلا
يرجع عليه ، ويمكن اعتبار التقاص القهري