لم يرجع على
المضمون عنه المفروض إذنه بالضمان إلا بما أداه لما عرفت سابقا من أنه ليس له إلا
ذلك نصا وفتوى ، بل هو مشروط بما إذا لم يزد عن الحق ، وإلا رجع بالحق خاصة ،
فالضابط حينئذ الرجوع بأقل الأمرين مما أداه ومن الحق في كل موضع له الرجوع ، وكأن
المصنف أشار بما ذكره إلى خلاف بعض العامة الذي جوز الرجوع مع الإبراء عن الكل أو
البعض ، لأنه هبة له خاصة من رب الدين ، وهو باطل عندنا ، لما عرفت نعم لو قبض منه
الجميع ثم وهبه بعضه أو جميعه جاز له الرجوع لصدق الأداء ، بل لعله كذلك إذا
احتسبه من حق زكاة عليه مثلا ولو دفع عوضا عن مال الضمان رجع بأقل الأمرين من
القيمة والدين ، من غير فرق بين أن يكون قد رضي المضمون له به عنه بغير عقد ، وبين
ما لو صالحه عنه بالدين.
نعم لو صالحه عليه
بما يتساوى الدين في ذمته وقاصه به اتجه رجوعه به ، لثبوتها له في ذمته وأدائها عن
الدين مع احتمال الرجوع بالقيمة خاصة ، لأن وضع الضمان على الارتفاق ، ولعله لذا
توقف فيه الفاضل في المحكي من التذكرة والله العالم.
المسألة السادسة :
إذا ضمن عنه دينارا مثلا باذنه فدفعه المضمون عنه الى الضامن فقد قضى ما عليه بناء
على اشتغال ذمته له بضمانه عنه المأذون حصوله باذنه ، فيقتضي شغل ذمة المضمون عنه
فيصح حينئذ الدفع له ، وفاء كما يصح للضامن إبراء ذمة المضمون عنه ، قبل الأداء وهذا
كله لا ينافي عدم استحقاق المطالبة له إلا بالأداء ، للدليل.
نعم قد يقال : إن
الدفع وفاء مثلا وكذا الإبراء مراعى بحصول الأداء منه ، فإن حصل استقر ذلك وإلا
انفسخ ، ورجع المال إلى المضمون عنه ، أو يقال إن ذلك على الكشف بمعنى أنه بحصول
الأداء ينكشف وقوعه في محله ، وإلا انكشف عدم شغل ذمته من الأصل.