حكم المختلفين »
فتأمل جيدا ، فإنه يمكن القول باعتبار ما كان فرعا لأصل نحو الحنطة والدقيق ،
والشعير والسويق ، ونحو الدهن من السمسم مما سمعته في النصوص المزبورة ، لا كل فرع
لكل أصل وإن كان بعيد الا يعرفه إلا خواص الناس ، نحو طلع الفحل ، ونحو اتخاذ
القند من الشوندر ، وغير ذلك مما يستخرج من بعض الأجسام على وجه لا يدركه إلا أو حدي
الناس لا أقل من الشك والأصل الجواز ، بناء على ما سمعت ، وإجماع التذكرة لا وثوق
به في ذلك وشبهه.
وأما المناقشة
فيها بما حكاه في الرياض عن الفاضل المزبور أيضا ، منها ـ أنه لا شك في أن الحنطة
إذا جعلت دقيقا تزيد كما هو ظاهر ، ودلت عليه صحيحة محمد بن مسلم [١] المتقدمة ،
وانطباق الوجه المذكور فيها على قواعدهم يحتاج إلى التأمل ، فلا ينبغي صحة بيع
أحدهما بالاخر متساويا أيضا للزيادة كما في اليابس من جنس بآخر رطبا مثل الرطب
بالتمر ، والعنب بالزبيب ، فكيف لا ينبغي النظر إلى مثل هذه الزيادة في وقت آخر
بتبديل وتغيير ، مع أنه معتبر عندهم في الرطب والتمر ؛ فقد أجاب عنها في الرياض
باغتفار هذه الزيادة اتفاقا فتوى ورواية.
ولعل الوجه فيه ما
أشير إليه وإلى الإشكال الذي ذكره في الصحيحة المشار إليها في كلامه ، وحاصلها أن
اغتفار الزيادة إنما هو لأجل الطحن ، وليس بيع الرطب بالتمر اليابس على تقدير
المنع عنه مثله بالبديهة ، إذ لا مئونة في يبس التمر وهو فرق واضح لا يشوبه شوب المناقشة.
قلت لا إشكال في
منع الزيادة سواء كان في مقابلها عمل له مئونة أولا ؛ كما صرحوا به في بيع الخاتم
بالفضة وغيره ، كما أن الظاهر عدم الفرق بين الزيادة الحسية والحكمية ، والفعلية
والتقديرية ، بناء على العمل بالعلة المستفادة من قوله عليهالسلام « أينقص إذا جف »
[٢] كما ستعرف ، الكلام فيه
مفصلا إنشاء الله ، فلا يبعد حينئذ أن يكون وقوع التعليل
[١] الوسائل الباب ـ
٩ ـ من أبواب الربا الحديث ١ ـ ٣.