قال : « ويمكن أن
يكون الضابط أحد أمرين ؛ إما الاتفاق في الحقيقة أو الاتحاد في الاسم ، وهنا الأول
متحقق وإن لم يتحقق الثاني ، وفيه تأمل ».
قلت : كان وجه
التأمل عدم تمامية ذلك أيضا ضرورة أنه قد يتخلف الاسم والحقيقة ، كالتمر والخل
والزبد والمخيض كما اعترف هو به في أول كلامه ، ورده بعض الأفاضل ، بأن مرجع
المناقشة المزبورة إلى الشك في المراد من الجنس المشترط اتحاده في الربا بين
الربويين ، هل هو الحقيقة الأصلية خاصة وإن اختلفت أسماء أفرادها ، أو أنه لا بد
من الاتحاد في الاسم ، بناء على دوران الأحكام مدارها في جملة من المواضع بالضرورة
، ولا وجه له بعد إمعان النظر فيما قدمناه من الأدلة الدالة على إرادة المعنى الأول
بلا شبهة ، وتكون هي المستثنية للمسألة من قاعدة دوران الأحكام مدار التسمية كما
سلمه هو في مسألة الحنطة والشعير للنصوص الجارية هنا بمقتضى العلة المنصوصة ، ولذا
إن الحلي المصر على إرادة المعنى الثاني في مسألة الحنطة والشعير وافق الأصحاب في
المسألة ، مدعيا في جملة من مواردها إجماع الطائفة.
وبذلك يظهر لك
الفرق بين المقام وبين ما ذكره فانا لا ننكر دوران الأحكام مدار الأسماء في غير ما
نحن فيه ، كما هو واضح ، وهو جيد لو كانت المناقشة من حيث اختلاف الإسلام خاصة ،
وإلا فحقيقة الأصل والفرع متحدة.
اما إذا كانت في
مختلف الحقيقة من الفرع مع الأصل الذي هو فرد من إطلاق القاعدة المزبورة ، ومن
مقتضيات العلة في نصوص الحنطة والشعير ، فمن الواضح عدم توجه بعض ما في الرد عليها
من هذه الحيثية ، ضرورة إمكان منع دلالة النصوص وغيرها على نحو ذلك أولا ، ومنع
تسليمه ثانيا ، لمعارضته بما دل « على البيع كيف شئتم مع اختلاف الجنس ، » وإن كان
من وجه ، وبما دل على اعتبار اتحاد الجنس في تحقق الربا ، وباستلزامه حصول الربا
في المستحيل إلى حقيقة أخرى لو بيع بأصله ، كالتمر المستحيل إلى الملح مثلا
والتزامه في غاية الصعوبة ، لعدم الدليل الصالح لإثباته عدا إطلاق معقد الإجماع
على