الله تعالى الذي
هو ضد البعد المتحقق بحصول الرفعة عنده استعارة من القرب المكاني ، لكن فيه من
الاشكال ما لا يخفى ، لأن دعوى وجوب نية القرب بهذا المعنى مما لا يمكن إقامة
الدليل عليها من كتاب أو سنة ، بل هي إلى البطلان أقرب منها إلى الصحة ، لما نقل
عن المشهور بل في القواعد للشهيد نسبته إلى قطع الأصحاب ، بل نقل انه ادعى عليه
الإجماع انه متى قصد بالعبادة تحصيل الثواب أو دفع العقاب كانت عبادته باطلة ،
لمنافاته لحقيقة العبودية ، بل هي من قبيل المعاوضات التي لا تناسب مرتبة السيد
سيما مثل هذا السيد ، ولا ريب أن القرب بالمعنى المتقدم نوع من الثواب ، فيجري فيه
ما يجري فيه ، نعم اختار بعض متأخري المتأخرين في مثل تلك العبادة الصحة ، عملا
بظواهر الآيات والروايات ، كقوله تعالى [١]( يَدْعُونَ رَبَّهُمْ
خَوْفاً وَطَمَعاً ) و ( يَدْعُونَنا رَغَباً
وَرَهَباً )[٢] وقد روي عنهم عليهمالسلام[٣] « ان من بلغه ثواب على عمل ففعله التماس ذلك الثواب أويته
وإن لم يكن كما بلغه » وما ورد [٤] من تقسيم العباد إلى ثلاثة ، منهم عبادة العبيد ، وهي ان
يعبد الله خوفا ، ومنهم عبادة الأجراء ، وهم من عبدة رجاء الثواب ، إلى غير ذلك من
الأخبار الكثيرة ، والأقوى خلافه ، وجميع ما ذكر محمول على إرادة إيقاع الفعل بقصد
الامتثال ، وموافقة الإرادة والطاعة ، وجعل ذلك وسيلة إلى تحصيل ذلك الثواب ، كما
هي سيرة سائر العبيد مع ساداتهم ، انما الممنوع عندنا القصد بالفعل لتحصيل الثواب
، ومما يؤيده أنه إن أريد القربة بالمعنى الأول كان لا ينبغي الاجتزاء بعبادة قاصد
الإطاعة والامتثال مقتصرا عليهما لفقد الشرط وهو مما لا يلتزم به فقيه ، أو يراد
بوجوبها الوجوب المخير بينها وبين غيرها ، وهو خلاف الظاهر منهم.