العلم بالفوات
أيضا ، نعم يتجه فيهما معا إيجاب إعادة الطهارة مطلقا ، وإعادة الصلاة في الوقت
دون القضاء ، وكذلك في من تيقن الطهارة والحدث وشك في السابق وفرض غفلته عن ذلك
فصلى من غير وضوء ولم يذكر حتى خرج الوقت ، فإنه لا يجب القضاء ، لعدم العلم
بالفوات حينئذ ، لكن يمكن الفرق بين الصورة الأخيرة وبين ما تقدمها بالتزام تسليم
ذلك فيها دونهما لمكان استصحاب الحدث في الأولين الذي بسببه يحصل الفوات فيشمله
حينئذ عموم قوله (ع) : ( من فاتته ) إذ المراد به أعم من الشرعي والواقعي بخلافها
، إذ مع تعارض اليقينين لا استصحاب ، والوجوب في الوقت انما كان لتحصيل اليقين
بالبراءة اليقينية الذي لا يصلح جريانه في خارج الوقت ، وقد يقال : إنه يمكن تنقيح
الفوات باستصحاب عدم الإتيان بالمكلف به ، اللهم إلا أن يلتزم أن الاستصحاب وإن
قلنا به لكنه لا يتحقق به اسم الفوات ، وهو جار في الصور الثلاثة ، فتأمل جيدا.
ثم اعلم أنه ربما
ظهر من العلامة في المنتهى الفرق بين هذه المسألة وسابقتها ، فإنه بعد أن حكم في
الأولى بوجوب إعادة الصلاة بناء على اشتراط الاستباحة وعدمه على تقدير العدم ،
وحكم في الثانية وهي ما نحن فيه بوجوب إعادة ما صلاة بالطهارة الأولى فقط ، بناء
على القول بالاكتفاء بنية القربة ، ووجوب إعادتهما معا بناء على اشتراط الاستباحة
، قال : « وعندي في هذا شك ، وهو أنه قد تيقن الطهارة وشك في بعض أعضائها بعد
الانصراف ، لأن الشك إلحاق الترك بالمعين منهما ، وهو الشك في ترك أحد الأعضاء
الواجبة ، فلا يلتفت ، وهو قوي » انتهى. قلت : وأنت خبير أن ما ذكره هنا جار في
المسألة السابقة أيضا حرفا بحرف ، ومن هنا لم يفرق ابن طاوس في هذا التخريج بين
الصورتين كما نقل عنه ، واستوجهه الشهيد في البيان ، قلت : هو لا يخلو من وجه وإن
كان الاولى خلافه ، لما عرفته سابقا من ظهور أدلة الشك بعد الفراغ في غيره ، لا
أقل من الشك في ذلك ، على أن الظاهر أن ذلك من قبيل الشبهة المحصورة ، فإن اليقين
بالإجمال يرفع الاستصحاب في كل منهما ، إذ ترجيح