فقال : سله هذا
الذي يأتيه من أي شيء ، فإنه يقول لك من عمل الشيطان » فان الظاهر أن المراد
بابتلائه كثرة الشك ، على أن كثرة الشك من الشيطان كما ظهر لك من الرواية السابقة
، وبذلك كله تقيد صحيحة زرارة المتقدمة لو سلم شمول لفظ الشك فيها لنحو ذلك ،
لظهور انصرافه في الشك الموافق لأغلب الناس ، على أن المواجه بالخطاب فيها خاص لم
يعلم كونه كذلك ، ولا إجماع على التعميم ، بل قد عرفت عدم الخلاف في عدمه.
وقد يشير الاكتفاء
ببرد الماء الذي لم يوصل إلى حد القطع في مرسل أبي يحيى الواسطي [١] الى ما نحن فيه ،
قال : « قلت للصادق عليهالسلام : جعلت فداك أغسل وجهي ثم أغسل يدي ويشككني الشيطان اني لم
أغسل ذراعي ويدي قال : إذا وجدت برد الماء على ذراعك فلا تعد » وكأن مفهوم الشرط
فيه غير مراد ، فتأمل جيدا. وقد أشبعنا الكلام في باب الصلاة ببعض المباحث
المتعلقة بكثير الشك ، كالبحث عن مقدار ما به يتحقق وما به يزول ، وأن المراد منه
بالنسبة إلى كل جزء أو يكفي تحققه ولو في جزء وغير ذلك ، فلاحظ وتدبر.
ثم الظاهر أن كثير
الظن ككثير الشك في المقام ، لما عرفت سابقا ، وأما القطع فان كان في جانب العدم
فلا يلتفت أيضا إلا إذا علم سبب القطع وكان مما يفيد صحيح المزاج قطعا ، وان كان
في الوجود فالظاهر اعتبار قطعه إلا إذا حفظ سبب القطع وكان مما لا يفيد صحيح
المزاج قطعا ، فتأمل جيدا.
ولو تيقن فعل
الطهارة وشك في الحدث بعدها لم يعد الوضوء إجماعا محصلا ومنقولا مستفيضا كالسنة ،
مع ما في وجوب الإعادة من العسر والحرج وكذا لو شك في شيء من أفعال الوضوء بعد
انصرافه لم يعد كما في المبسوط والمهذب والجامع والمعتبر والنافع والمنتهى
والإرشاد ، ولعله يرجع اليه ما في المقنعة والسرائر
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٤٢ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٤.