لكون المراد
بالأول أكثر ثوابا من الآخر ، وبالثاني الأقل ، كما بين في محله ، وربما أجيب بأن
متعلق الوجوب الطبيعة ، والاستحباب الفرد ، وما يقال : ان المستحب ما جاز تركه لا
إلى البدل ، والواجب ما لا يجوز تركه لا إلى بدل ، فقد يجاب عنه بأن له اعتبارين ،
فمن حيث الاستحباب يجوز تركه لا إلى بدل عنه في ذلك ، ومن حيث الوجوب له بدل ، أو
يقال : انه لا معنى لأخذ البدلية في تعريف الواجب ، بل هي مضادة لمعنى الوجوب ،
وحينئذ لا يكون الواجب الفرد بل الطبيعة ، وهو مفهوم أحدهما ، ولا ينافي ذلك
استحباب خصوص الفرد ، وما يقال : ان الفرد متحد مع الطبيعة مدفوع بجواز اجتماع
الوجوب والندب باعتبارين ، وإن كان لنا في ذلك بحث ليس المقام محل ذكره ، ولعله
يرجع الى ما ذكرنا أولا ما أجيب به هنا من أنه لا منافاة بين الوجوب لنفسه
واستحبابه بالإضافة إلى الغير ، كما لا منافاة بين الوجوب للنفس والاستحباب للغير
أو عكسه ، كغسل الجنابة لأجل صلاة النافلة على القول بوجوبه لنفسه ، وكالوضوء
بالنسبة للفريضة فتأمل جيدا ، وللبحث في ذلك محل آخر.
والجمع بين الماء
والأحجار أكمل كما في التحرير والتذكرة ، وقد يستظهر من الخلاف والمنتهى والمعتبر
الإجماع عليه ، ويدل عليه مضافا الى ذلك المرسل عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « جرت
السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء » ويؤيده من الاعتبار ما فيه
من الجمع بين المطهرين ، والاستظهار بإزالة النجاسة مع ما فيه من حفظ اليد من
الاستقذار ، وبقاء الرائحة فيها ، ولهذا والخبر المتقدم ينبغي تقديم الأحجار وان
أطلق الحكم في كثير من عباراتهم ، وظاهر عبارة المصنف وما ضاهاها كون الحكم
المذكور في غير المتعدي ، وصرح في المعتبر باستحباب الجمع وان تعدى ، بل يظهر من
العلامة في القواعد اختصاص الحكم بالمتعدي ، لقوله والماء أفضل ، كما ان الجمع
أفضل في المتعدي ، ويمكن رفع المنافاة بينهما أن الأفضلية غير الأكملية ، فهو أكمل
كما ذكره المصنف في غير المتعدي ، وأفضل في المتعدي ، إذ الكمال مرتبة ثانية في