بعض العامة ،
كالأخبار المستفيضة جدا الدالة على أنهما ليسا من الوضوء بل هما من الجوف ، أي
انهما ليسا من واجباته ، واحتمال الجمع بينها وبين غيرها من الروايات بالحكم
باستحبابهما في ذاتهما لا للوضوء كما لعله يظهر من الهداية ضعيف جدا مناف لظاهر
النص والفتوى بل الإجماعات المنقولة وغيرها ، نعم لا يبعد الحكم باستحبابهما في
ذاتهما وللوضوء كما لا يخفى على من لاحظ روايات الباب ، مع عدم منافاته لكلمات
الأصحاب.
ويرجع فيهما إلى
العرف كما هو في غيرهما من الألفاظ ، لتقدمه على اللغة ، أو لعدم ظهور المخالفة
بينهما ، بل ملاحظة المنقول عن أهل اللغة من معناهما يرشد إلى إحالتهما عليه ، نعم
ينبغي الاقتصار في التعبد على غير الفرد المشكوك في كونه منهما ، بل لعل الظاهر
أنه لا يجوز التقرب بمثله ، لمكان التشريع ، ولا احتياط مع وجود الفرد المعلوم
براءة الذمة به ، ونحوه يجري في الواجبات أيضا ، والأقوى أنهما في العرف إدارة
الماء في الفم واجتذابه بالأنف من غير اشتراط للمج في الأول والاستنشار في الثاني
كما وقع من بعضهم ، كما أن الظاهر أنه لا يعتبر في الأول إدارة الماء في جميع الفم
، ولا في الثاني جذب الماء إلى الخياشيم لغير الصائم ، نعم قد يستفاد استحبابهما
فيهما لأنها من المبالغة المأمور بها ، كما أنه قد يستفاد استحباب المج ونحوه ،
لأنهما لازالة القذارات التي ينبغي إخراجها ، ولكونه المعروف في فعلهما ، ومما
ينبغي القطع بعدم اعتباره اشتراط الإخراج بمعنى عدم الاكتفاء بالخروج لنفسه ، كما
أنه ينبغي القطع بعدم اعتبار إدخال الماء للفم في المضمضة ، بل يكفي الدخول ، نعم
يمكن اعتبار الجذب في الاستنشاق ، وإلا كان سعوطا لا استنشاقا ، وينبغي القطع أيضا
بعدم اعتبار الثلاث في معناهما كما هو ظاهر ، بل ولا في استحبابهما كما عساه يظهر
من بعضهم لأخذ ذلك في الكيفية ، وآخر حيث أخذه حالا ، قال في تعداد المستحبات :
المضمضة والاستنشاق