جعل النهي عن مس
القرآن من المطلق الذي ينصرف إلى الشائع من الافراد ضعيف مناف للمستفاد من سياق
الآية وغيرها من كون المنشأ في ذلك التعظيم ، وبذلك يظهر أنه لا فرق في المكتوب
بين المستقيم والمقلوب والمنقوش وغيرها ، كما أن الظاهر أنه لا فرق في المجتمع
منها والمفرق ، فيجري الحكم على الآيات المكتوبة في كتب الفقه والحديث وغيرها مما
كان على سلاح أو إناء ونحوهما ، وما في بعض الاخبار [١] من المصحف لا
دلالة فيه على اشتراط النهي عنه بذلك ، على أن المس فيه انما يقع على البعض ، وخبر
محمد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام[٢] كما نقله المحقق عن جامع البزنطي قال : « سألته هل يمس
الرجل الدرهم الأبيض وهو جنب؟ فقال عليهالسلام : والله إني لأوتى بالدرهم ، فآخذه واني لجنب ، وما سمعت
أحدا يكره من ذلك شيئا إلا أن عبد الله بن محمد كان يعتبهم عتبا شديدا ، يقول : جعلوا
سورة من القرآن في الدرهم ، فيعطى الزانية وفي الخمر ، ويوضع على لحم الخنزير » لا
دلالة فيه على جواز مس السورة إذا كانت مكتوبة على الدرهم ، إلا أن الشهيد في
الذكرى رحمهالله رواها على وجه فيه دلالة ، ثم احتمل أن الوجه في ذلك سلب اسم المصحف أو
الكتاب عنه أو لزوم الحرج بلزوم تجنب ذلك ، قلت : والاولى خلافه ، والظاهر أنه لا
فرق بين مصطلحات الكتاب بعد صدق الاسم من الكوفية والعربية والفارسية وغيرها ، نعم
لو حصل بإبداع خاص لم يعرف كونه من الكتابة فالظاهر عدم جريان الحكم ، كالذي يحصل
من تفطير الأرض وسفيان الرياح ، فإنه تركيب للواهمة التي لا تقف تركيباتها على حد.
وأما المشترك منه
فالظاهر أن المدار فيه على قصد الكاتب ، ومع عدم العلم به فالأصل عدمه ، وهل يجري
نحو ذلك منه في الكلمات والحروف وأبعاضها؟ إشكال ، سيما في الأخيرين ، وسيما مع
العدول عنه وجعله جزء كلمة أخرى أو كلام آخر ، والظاهر
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٢ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٥.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ١٨ ـ من أبواب الجنابة ـ حديث ٣ مع تقطيع في الوسائل.