الواجب حينئذ ذلك
فما فوق يدفعها منع الأولوية ، لعدم تنقيح العقل والنقل لها ، وخبر الجبر لا دلالة
فيهما على ذلك ، بل ربما يدلان على العكس ، فتأمل جيدا.
وكذا لا تجزي بنت
المخاض عن الخمس شياه وإن أجزأت عن الست والعشرين بل لا تجزي عن الشاة إلا على وجه
القيمة ، لكن في الدروس والبيان « أنه يجزي فرض كل نصاب أعلى عن الأدنى » وزاد في
الأول « وفي إجزاء البعير عن الشاة فصاعدا لا بالقيمة وجهان » قلت : قد عرفت أن
أقواهما العدم ، وأما الأول فهو متجه فيما إذا لم يكن عنده الفرض وكان علو الأعلى
بدرجة ، ضرورة إجزائه في هذا الحال مع أخذ الجبر ، فبدونه أولى ، على أن الجبر حق
للمالك فله إسقاطه ، بل يمكن القول بإجزائه في حال وجود الفرض وإن كان ظاهر النصوص
والفتاوى في بادئ النظر اعتبار عدم الفرض في الاجزاء ، بل صرح به بعضهم ، إلا أن
التأمل الجيد يقتضي بعدم إرادة الشرط حقيقة من ذلك ، وأن المراد بيان قيام هذا
الفرد مقام الفرض ، وأن المالك بالخيار ، لجريان هذا الشرط مجرى الشرط الغالب في
عدم إرادة المفهوم منه ، وأن مثل هذا الكلام يقال في مقام التخيير ، خصوصا إذا كان
الفرد الأول أهم وأفضل ، لا أن المراد الترتيب في الوجوب ، وحينئذ يكون الحال في
ذلك نحو ما سمعته منا في إجزاء ابن اللبون الذكر عن بنت المخاض ، بل العارف بلسان
الشرع يعلم أن الشارع لم يقصد الوجوب الترتيبي حقيقة من ذلك ، بل لا يعلق الوجوب
على الوجود عنده وإن كان متمكنا من الشراء ، ولم يبين أن المدار على زمان الخطاب
أو إلى حال الأداء ولا غير ذلك مما لا يخفى على ذي اللسان والعارف بلحن خطابهم عدم
تساهلهم على تقدير الوجوب فيه ، فتأمل جيدا ، وحينئذ يتجه الاجزاء من غير أخذ جبر
، لأولويته منه معه ، وفي المحكي عن المبسوط لو كانت عنده بنت مخاض إلا أنها سمينة
وجميع إبله مهازيل لا يلزمه إعطاؤها ، ولعل فيه استئناسا لما قلناه ، كما أنه قد
يستأنس له بما صرح به