بعد ذلك فلا إشكال
في عدم الفساد حيث يذكر ويفعل قبل حصول ما ينافي الصلاة من الحدث أو غيره ، وأما
إذا ذكر بعد ذلك فالمعروف أن الصلاة صحيحة ويأتي بالتشهد قضاء ، خلافا لابن إدريس
فإنه أوجب إعادة الصلاة ، قيل وهو متجه إذا تخلل الحدث على مذهبه من كون التسليم
مستحبا ، فيكون الحدث واقعا في الأثناء ، لعدم المخرج ، وبذلك يفرق بينه وبين
التشهد الأول ، فيقضي الأول وإن حصل الحدث بخلاف التشهد الثاني ، بل عن ابن إدريس
التصريح بذلك ، ولولاه أمكن دعوى أنه لا تلازم بين القول باستحباب التسليم والفساد
، إذ الخروج يتحقق حينئذ إما بالتسليم وإن قلنا باستحبابه ، أو بالحدث نفسه ، أو
بغير ذلك ، فيكون قد ترك ما لا يفسد تركه إذا كان نسيانا ، لعدم كونه ركنا ، كما
أن القائل بوجوب التسليم وأنه به يتحقق الخروج من الصلاة لو تركه نسيانا فأحدث
مثلا قد لا يلتزم بفساد الصلاة ، فتأمل.
وأما القضاء لو
ذكره بعد التسليم فلإطلاق الصحيح [١] بل ظاهره « في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهد حتى
ينصرف من صلاته فقال : إن كان قريبا رجع إلى مكانه فتشهد ، وإلا طلب مكانا نظيفا
فتشهد فيه » المعتضد بإطلاق الخبرين [٢] المتقدمين ، وهي بإطلاقها حجة على ابن إدريس أيضا ، نعم ما
ذكرناه من المناقشة في السجدة يتأتى في المقام أيضا ، بل لعل عبارة الشهيد في
البيان في المقام تشير إلى ذلك ، قال : « ويتلافى التشهد الأول والصلاة على النبي
وآله ما لم يركع ، والتشهد الأخير ما لم يحدث ، فإن أحدث أتى به بنية مستأنفة »
انتهى وهو ظاهر في أن المراد بالتلافي التلافي المحلي لا القضائي ، فتأمل جيدا فان
جميع ما سمعت مقتضى هذه المناقشة ، ولعله لا يخلو من قوة لو كان المنسي السجدتين
اللتين يمكن إلحاقهما بنسيان الركعة ، ومن
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٧ ـ من أبواب التشهد ـ الحديث ٢.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ١٣ ـ من أبواب التشهد ـ الحديث ١ ـ و ٤.