صرف البلل من
العضو الآخر إليها ، لما تقدم من أنه لا يكون مستعملا إلا بعد الانفصال عن تمام
البدن ، وفي المنتهى الذي ينبغي على مذهب الشيخ عدم الجواز في الجنابة ، فإنه لم
يشترط في المستعمل الانفصال ، قلت : وما نقله عنه في غاية الاجمال ، بل في بعض
الوجوه يكون في نهاية الاشكال ، والظاهر اختصاص الحكم بالمستعمل في الغسل الصحيح
دون الفاسد ، لعدم رفع الحدث به ، كما إذا كان في المكان المغصوب ونحوه ، ولو غسل
بعض الأعضاء ثم أعرض عن ذلك أو أفسده بتخلل حدث أكبر أو أصغر ان قلنا به فهل يلحقه
حكم الاستعمال أولا؟ وجهان ، أقواهما الثاني ، لأن شرط صحته وتأثيره تعقبه بغسل
الباقي ، ولم يحصل ، وقد علم مما تقدم ان فضلة الغسل لا تدخل في المستعمل ، فلذلك
جاز أن يغتسل الرجل بفضل غسل المرأة وبالعكس ، كما روي [١] « أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اغتسل مع عائشة
في إناء واحد »
ثم لا فرق في
الحدث بين الجنابة ولو من زنا وغيرها ، كما هو الظاهر ممن حرر النزاع ، حيث لم يخص
المسألة ، فما وقع في بعض العبارات من باب التمثيل ، نعم الظاهر قصر النزاع على من
حكم بحدثه شرعا ، فما يغتسل به للاحتياط الغير اللازم غير داخل ، بل واللازم ، كما
لو تيقن الجنابة والاغتسال ولم يعلم السابق منهما فإنه يجب عليه الغسل في كل مشروط
به ، إذ الظاهر أنه لا يكفي عند القائلين بالمنع احتمال كونه مستعملا ، بل هو من
قبيل المانع مع احتماله ، فيكون كأصل المائية.
وكيف كان فهل يرفع
الحدث به ثانيا أصغر كان أو أكبر فيه تردد ينشأ من الأصل والعموم وصدق اسم الماء ،
ولأن الطهور ما يتكرر منه الطهارة ، ومن خبر عبد الله بن سنان [٢] « الماء الذي
يغسل به الثوب ، أو يغتسل به من الجنابة
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٧ ـ من أبواب الأسئار ـ حديث ١.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٩ ـ من أبواب الماء المضاف ـ حديث ١٣ مع اختلاف يسير.