لاحتمال أن يكون
من كلام الراوي أو لعدم معقولية التخيير بين الأقل والأكثر سيما مقام التطهير إذ
احتمال رجوع التشخيص إلى نية المكلف في غاية البعد هنا ، فمن هنا يتعين إرادة
الخمسين لاستصحاب النجاسة وعدم حصول اليقين الا بذلك ، ولعل ما ذكرنا مراد العلامة
في المختلف حيث قال ويمكن أن يقال إيجاب أحدهما يستلزم إيجاب الأكثر لأنه مع الأقل
غير متيقن البراءة ، وانما يعلم الخروج عن العهدة بفعل الأكثر فلا معنى للإيراد
عليه حينئذ بأنه غير مستقيم ، فان التخيير بين الأقل والأكثر يقتضي عدم وجوب
الزائد عينا وإلا لم يكون للتخيير معنى ، فيجب أن يحصل يقين البراءة بالأقل ويكون
الزائد مستحبا ، لما عرفت أن ليس مبنى كلامه التخيير ، بل قد تكون هذه العبارة
عنده من الجمل لمصلحة اقتضاها المقام ، فيكون حينئذ التكليف الظاهري وجوب الخمسين
، وقد عرفت أن الرواية منجبرة بالشهرة بين الأصحاب ، بل الظاهر الإجماع على العمل
بمضمونها ، فلا يقدح ما في سندها من عبد الله بن بحر ، واشتراك أبي بصير ، مع ان
لنا كلاما في اشتراك أبي بصير قد تقدم سابقا ، كما أنه لا يعارضها صحيحة علي بن
جعفر عليهالسلام[١] سأله فيها « عن بئر ماء وقع فيها زبيل من عذرة رطبة أو يابسة أيصلح الوضوء؟
قال : لا بأس » ولا صحيحة ابن بزيع [٢] الدالة على الاكتفاء في طهارة البئر من وقوع العذرة فيها
بنزح دلاء بعد إطلاقهما وتقييدها.
والمروي عن الصادق
عليهالسلام أربعون أو خمسون ومراده رواية أبي بصير المتقدمة ، وعن الصدوق أنه قال تطهر
بأربعين إلى خمسين ، وفيه مع مخالفته لمنطوق الرواية إشكال التخيير بين الأقل
والأكثر.
أو كثير الدم كذبح
الشاة أي ينزح له خمسون ، والمرجع في الكثرة إلى العرف ، وحدها ابن إدريس بأن
أقلها ما كان كذبح شاة ، ثم نسب ذلك الى رواية أصحابنا ، والأولى ما ذكرنا ، ولعل
مراده بالرواية صحيحة علي بن جعفر عليهالسلام
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٤ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٨.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ١٤ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٢١.