فتحدث عنه فمضينا و تحدّثنا، فكان ممّا نتحدث أن قال: سبحان اللّه الذي أحصى رمل عالج عددا جعل للمال نصفا و نصفا و ثلثا، ذهب النصفان بالمال فأين الثلث. إنّما جعل نصفا [و] نصفا و أثلاثا و أرباعا. و أيم اللّه لو قدّموا من قدّمه اللّه، و أخّروا من أخّره اللّه لما عالت الفريضة قط.
قلت: من الذي قدّمه اللّه و من الذي أخّره اللّه قال: الذي أهبطه اللّه من فرض إلى فرض، فهو الذي قدّمه اللّه و الذي أهبطه من فرض إلى ما بقي فهو الذي أخّره اللّه.
فقلت: من أوّل من أعال الفرائض. قال: عمر بن الخطاب. قلت: هلّا أشرت عليه به.
قال: هبته، و كان امرءا مهيبا.
و وجه الدليل من قوله شيئان: أحدهما أنّه قال: الذي يعلم عدد الرمل لا يعلم أنّ المال لا يكون له نصف و نصف و ثلث، يعني يستحيل أن يكون كذلك.
و الثاني: أنّه قال لو قدّموا من قدّمه اللّه [147/ أ]، و أخروا من أخّره اللّه، يعني انّ الزوج له النصف إذا لم يكن لها الولد و الربع مع الولد، و للزوجة الربع و لها الثمن مع الولد، و للأمّ الثلث و مع الولد السدس، و للبنت أو الأخت إذا كانت وحدها النصف، و إذا كان مع البنت ابن، أو مع الأخت أخ فإنّ لهما يبقى للذكر مثل حظ الأنثيين.
فالزوج و الزوجة يهبطان من فرض إلى فرض، و البنت و الأخت يهبطان إلى ما بقي، فوجب أن [النقص] يكون داخلا على من يهبط من فرض إلى ما بقي لا على من يهبط من فرض إلى فرض.
و استدل القائلون بالعول بخبر رواه عبيدة السلماني [1] عن علي (عليه السلام) حين سئل عن رجل مات و خلّف زوجة و أبوين و ابنتيه، فقال: صار ثمنها تسعا، و أجيب عن ذلك بجوابين أحدهما أنّ ذلك خرج مخرج الإنكار لا الإخبار كما يقول الواحد منا إذا أحسن إلى غيره و قابله بالذم و الإساءة قد صار حسني قبيحا. و الآخر أنّه خرج مخرج التقيّة، لأنّه لم يمكنه إظهار خلافه. [2]
[1] عبيدة بن عمرو، و يقال: ابن قيس بن عمرو، السلماني، المرادي، أبو عمرو الكوفي روى عن: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و عبد اللّه بن الزبير، و عبد اللّه بن مسعود. مات سنة (72). تهذيب الكمال: 19/ 266 رقم 3756.