و يلزم الرهن بالإيجاب و القبول خلافا للشافعي و أبي حنيفة فإنّهما قالا ليس بلازم و لا يجبر الراهن على تسليم الرهن، فإن سلّم باختياره، لزمه بالتّسليم، لنا قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[1] و هذا عقد مأمور به، و الأمر يقتضي الوجوب. [2]
و من شرطه أن يكون الدّين ثابتا [3] خلافا لأبي حنيفة و قد ذكرنا.
و أن يكون لازما كعوض القرض و الثّمن و الأجرة و قيمة المتلف و أرش الجناية.
و لا يجوز أخذ الرّهن على مال الكتابة المشروطة، لأنّه عندنا غير لازم [4]، قال الشيخ في الخلاف: إذا كاتب عبده على نجمين، و أخذ به رهنا [109/ أ] صحّ الرهن لقوله تعالى:
فَرِهٰانٌ مَقْبُوضَةٌ[5] وفاقا لأبي حنيفة و قال الشافعي: يصحّ. [6]
و إذا تكامل ما ذكرناه من الشروط صحّ الرّهن بلا خلاف، و ليس على صحّته مع اختلال بعضها دليل، فأما القبض فهو شرط في لزومه من جهة الرّاهن دون المرتهن، و من أصحابنا من قال: يلزم بالإيجاب و القبول- و هو الشيخ في الخلاف كما ذكرنا قبل- و الظّاهر من المذهب هو الأوّل و عليه الإجماع.
و إذا تعيّن المخالف من أصحابنا باسمه و نسبه لم يؤثّر خلافه في دلالة الإجماع لأنّه إنّما كان حجّة لدخول قول المعصوم فيه لا لأجل الاجتماع، و أما قوله أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فلا يمتنع ترك ظاهره للدّليل.
و استدامة القبض في الرّهن ليست بشرط [7] في صحته و لزومه، وفاقا للشافعي و قال أبو حنيفة ذلك شرط [8].
لنا قوله تعالى فَرِهٰانٌ مَقْبُوضَةٌ فشرط القبض و لم يشترط الاستدامة.
و ما رووه من قوله (عليه السلام): الرهن محلوب و مركوب، و ذلك لا يجوز بالإطلاق إلّا للراهن بلا خلاف.
و لا يجوز للرّاهن أن يتصرّف في الرّهن بما يبطل حقّ المرتهن، كالبيع و الهبة و الرّهن