الآية لم يكن من جهة ردع الصحابة عن الحكم بارتداد بنى المصطلق لأجل اخبار الوليد بذلك بل من جهة ترتيب الأثر على قوله في الجملة فانهم عزموا على الخروج عليهم فإن رأوهم انهم لا يصلون و لا يؤذنون فيعاملون معهم معاملة الارتداد و إلا فيطلبون منهم الصدقة فان منعوا فيحاربوهم على أخذ الصدقة و من الواضح انه لم يقم إجماع على عدم وجوب ترتيب الأثر على اخبار العادل بهذا المقدار من الأثر فلا يلزم خروج المورد الموجب لتقييد العموم (و ثالثا) سلمنا ان المفهوم إنما استفيد من الدلالة اللفظية و ان الحكم بوجوب التبين ردع عن ترتب آثار الارتداد بالكلية إلا انه نقول ان الاخبار عن الارتداد ليس قيدا مأخوذا في القضية و إنما هو مورد لها كما اعترف به في الإشكال و عليه فيكون الحكم بعدم وجوب التبين عند اخبار العادل حكما كليا ثبت تخصيصه في قسم مخصوص من النبأ من الخارج و لازم ذلك هو تقيد العام بالقياس إلى هذا القسم من النبأ لا مطلقا و نظير ذلك ما إذا ورد أكرم العلماء و علم بخروج زيد النحوي عن العموم لكونه فاسقا فإن غاية ما يقتضيه العلم بخروج هذا الفرد هو تقيد وجوب إكرام العالم النحوي بغير الفسق لا مطلقا و نتيجة ذلك أن يبقى عدم وجوب التبين في اخبار العادل على إطلاقه في غير مورده (ثم) انك بعد ما عرفت تمامية دلالة الآية المباركة على حجية خبر العادل بمفهومه يظهر لك تمامية دلالتها على تمام أقسام الخبر التي يستدل بها المتأخرون في الكتب الفقهية من الصحيح و الحسن و الموثق و الضعيف المنجبر بالشهرة أما الصحيح فبالمفهوم و اما البقية فبالمنطوق لا باعتبار ان المنطوق لم يمنع عن العمل بخبر الفاسق مطلقا و إنما أناط جواز العمل به على التبين و هو كما يحصل بتحقيق نفس الرواية و معرفة صدقها كما في الخبر الضعيف المنجبر بالشهرة في الرواية أو في الاستناد كذلك يحصل بتحقيق حال نفس الراوي من معرفة كونه ثقة متحرزا عن الكذب و لو كان غير إمامي أو معرفة كونه إماميّا ممدوحا في كتب الرّجال و ان لم يكن معدلا ضرورة ان التبين في نفس الرواية و إن كان محققا لشرط العمل به إلا ان تبين حال الراوي و مجرد كونه موثوقا به أو ممدوحاً لا يكون محققا له باعتبار ان المراد من الفسق في الآية بمناسبة الحكم و الموضوع ليس هو المرتكب للمعاصي مطلقا حتى يكون إناطة قبول الخبر بالعدالة لأجل احترام العادل و توهين الفاسق بل خصوص الغير المتحرز عن الكذب لعدم موضوعية للعدالة و الفسق في المقام و إنما اعتبارهما لأجل الطريقية من جهة عدم حصول الأمن عند اخبار الفاسق دون العادل و على ذلك يكون مقابل الفاسق