شأنه ليس إلاّ الموجبية فحسب ، من غير ظهور له في الإناطة والارتباط بينهما بوجه . وعليه فيبقى الظهور الأوّلي في النفسية على حاله من غير معارض .
ويؤيِّد هذا ويؤكِّده إطلاق ما دلّ على تحقّق الانصراف بالتسليم ، وأنّ به يتحقّق الفراغ والخروج عن الصـلاة . فانّ هذا الإطلاق هو المحكّم ما لم يثبت خلافه بدليل قاطع كما ثبت في الركعات الاحتياطية وفي الأجزاء المنسيّة ، فيقيّد ويحكم بالجزئيـة في أمثال ذلك ، وأمّا فيما عداها كالمقام فالمرجع هو الإطلاق المزبور .
ويؤكِّده أيضاً تسميتهما بالمرغمتين في غير واحد من النصوص [1]، فانّها تكشف عن أنّ الوجوب إنّما نشأ عن مصلحة اُخرى مغايرة لمصلحة أصل الصلاة ، وهي إرغام أنف الشيطان المبغض للسجود ، مجازاة له على إلقـاء المصلّي في السهو . وعلى الجملة : فظواهر النصوص تدلّنا بوضوح على نفسية الوجوب .
نعم ، ربما تستشعر الغيرية من رواية واحدة وهي موثّقة عمّار : "عن رجل صلّى ثلاث ركعات وهو يظنّ أ نّها أربع فلمّا سلّم ذكر أ نّها ثلاث ، قال : يبني على صلاته متى ما ذكر ، ويصلّي ركعة ويتشهّد ويسلّم ويسجد سجدتي السهو وقد جازت صلاته" [2] ، حيث فرّع جواز الصلاة وصحّتها على مجموع ما سبق الذي منه الإتيان بسجدتي السهو . ولكنّه مجرّد إشعار محض لا يمكن أن يعتمد عليه في مقابل الظهورات ، ولم يبلغ حدّ الدلالة ، فانّ الإمام (عليه السلام) إنّما هو في مقام بيان الوظيفة الفعلية وأنّ الصلاة لاتبطل بمجرّد نقصها بركعة والتسليم في غير محلّه ، بل عليه أن يأتي بتلك المذكورات ، وأمّا أنّ جمـيعها دخيل في الصحّة فلا دلالة لها عليه بوجه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الوسائل 8 : 250 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 32 ح 1 وغيره .
[2] الوسائل 8 : 203 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 ح 14