والوجه فيه ما ذكرناه في الاُصول في مبحث البراءة من أنّ حديث الرفع لا يشمل المستحبّات ، لأنّ المرفوع في مقام الامتنان إمّا المؤاخذة أو حكم إلزامي يكون قابلا للوضع ليُرفع ، وليس هو إلاّ وجوب الاحتياط ، لوضوح أنّ المكلّف لا يتمكّن من امتثال الواقع المجهول ، فوضعه بإيجاب الاحتياط كما أنّ رفعه برفعه . ومن المعلوم أنّ شيئاً منهما لا يجري في المستحبّات ، أمّافظاهر ، وكذا الثاني ، لأنّ استحباب الاحتياط ثابت جزماً ، وليس في رفعه أىّ امتنان ، ولأجل ذلك ذكرنا أنّ البراءة غير جارية في المستحبّات[1] .
وهذا البيان الذي ذكرناه في حديث رفع التكليف جار في حديث رفع القلم عن الصبي بعينه ، لعدم الفرق بينهما إلاّ من حيث إنّ الرفع هناك ظاهري وهنا واقعي ، وهذا لا يكاد يؤثّر فرقاً فيما نحن بصدده بوجه .
فتحصّل : أنّ حديث الرفع غير جار في المقام وأمثاله من سائر المستحبّات من أصله ليُتكلّم في تحقيق المرفوع ، وأ نّه الإلزام أو أصل المشروعيّة ليُتصدّى لإقامة الدليل على إثباتها .
بل إطلاقات الأدلّة من الأوّل شاملة للصبي من غير مزاحم ، فتستحبّ له قراءة القرآن والزيارة وصلاة اللّيل وغيرها ، ومنها الاعتكاف بنفس الإطلاقات من غير حاجة إلى التمسّك بمثل قوله (عليه السلام) : "مروا صبيانكم بالصلاة والصيام" ، وإنّما نحتاج إلى ذلك في الأحكام الإلزاميّة فقط حسبما عرفت .
ــــــــــــــــــــــــــــ