وقلنا : إنّ الجمع العرفي لا يقتضي ذلك ، لتوقّفه على أن يكون المجعول في موارد الأحكام حكمين ، ومدلول الأمر منحلاًّ إلى أمرين : المحبوبيّة والإلزام ، ليبقى الأوّل بعد نفي الثاني ، نظير البحث المعروف من أ نّه إذا نُسخ الوجوب بقي الجواز ، وليس الأمر كذلك ، بل مدلول الأمر حكم واحد بسيط ، وليس المدلول في مثل قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ )[1] إلخ ، إلاّ كتابة واحدة لا كتابتين ، إذ لا ينحلّ الوجوب إلى جنس وفصل كما هو المحرّر في محلّة ، فإذا ارتفع فقد ارتفع الحكم من أصله .
بل مقتضى الجمع العرفي بين حديث الرفع والمرفوع تخصيص تلك القوانين بالبالغين وانتفاء الحكم عن الصبي رأساً .
ولكنّا استفدنا المشروعيّة ممّا ورد من قوله (عليه السلام) : "مروا صبيانكم بالصلاة والصيام"[2] ، نظراً إلى أنّ الأمر بالشيء أمرٌ بذلك الشيء ، بل في بعضها الأمر بالضرب إذا بلغ السـبع . وقد ورد النصّ في خصوص الحجّ بإحجاج الصبي ، فيستكشف من ذلك كلّه الاستحباب والمشروعيّة .
ولكن هذا كلّه خاصّ بالأحكام الإلزاميّة مثل الصلاة والصيام ونحوهما .
وأمّا في الأحكام الاستحبابيّة ـ ومنها الاعتكاف المبحوث عنه في المقام ، وكصلاة الليل ، ونحو ذلك ـ فيكفي في إثبات المشروعيدة نفس الإطلاقات الأوّلية من غير حاجة إلى التماس دليل آخر .
ــــــــــــــــــــــــــــ