وبهذا المعنى استُعمل في القرآن ، قال تعالى : (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ)[1] ، وقال تعالى : (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ)[2] . وكذلك قول النبي (صلّى الله عليه وآله) : "إنّما أقضي بينكم بالأيمان والبيِّنات"[3] أي بالأدلّة ، وقوله (صلّى الله عليه وآله) : "البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه"[4] ، فإنّ المراد مطالبة المدّعي بالدليل في قبال المنكر .
نعم ، ثبت من الخارج أنّ من أحد الأدلّة شهادة العدلين ، لا أنّ شهادة العادلين بخصوصها هي المراد من كلمة "البيِّنة" ، فإنّ الأدلّة كثيرة ومنها شاهد واحد ويمين كما تقدّم ، فلا تحصر في البيّنة المصطلحة .
والذي يدلّنا على ذلك ـ مضافاً إلى ما عرفت من عدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة ـ أنّ الأدلّة التي تثبت بها الحرمة كثيرة، كحكم الحاكم، وإقرار ذي اليد، والشياع المفيد للاطمئنان ، والاستصحاب ـ كاستصحاب عدم التذكية ـ إلى غير ذلك ، ولا ينحصر رفع اليد عن الحلّيّة بالبيّنة المصطلحة ، فلماذا خُصَّت من بينها بالذكر في قوله (عليه السلام) : "حتّى يستبين أو تقوم به البيّنة" مع أنّ بعضها ـ كالإقرار ـ أقوى منها في الاعتبار ومقدّمٌ عليها ؟! فيكشف ذلك كشفاً قطعيّاً عن أنّ المراد بالبيّنة في هذه الرواية ـ كغـيرها من موارد استعمالها في الكتاب والسنّة ممّا تقدّم ـ هو مطلق الدليل والحجّة لا خصوص البيّنة المصطلحة ، وإنّما هي فردٌ من أحد أفراد الأدلّة .
ــــــــــــــــــــــــــــ