فاما من تمسك و ذهب الى تحريم أكل السمك و الجراد إذا صادهما الذمي و المسلم غير المحق، يعوّل على انّ صيدهما هي ذكاتهما، و ان العذر قد انقطع بان غير المحق لا ذكاة له، و لا تؤكل ذبيحته.
فأقول ان أخذ السمك و إخراجه من الماء حيا ليس بذكاة على الحقيقة، و انما اجرى مجرى الذّكاة في الحكم، لا في وقوع الاسم، و إذا وقع التحريم بتذكية غير المحق، و انّه لا ذكاة له، فإنّما يدخل في ذلك ما يكون حقيقة من الذبح و فرى الأوداج، و ما لا يكون حقيقة و يسمى بهذه التسمية، جاز ان لا يدخل في الظاهر الّا بدليل، فعلى من ادعى دخول صيد غير المحق السمك و الجراد تحت تحريم ذكاة المبطل، الدليل.
و قد رجع شيخنا أبو جعفر عمّا ذكره في استبصاره، الى ما ذهبنا إليه في مبسوطة، و حقق ذلك في نهايته، على ما قدمناه و بيّناه أولا، و حكيناه [2].
قال في مبسوطة، إذا اصطاد السمك من لا يحل ذبيحته، كالمجوسي و الوثني، حل اكله بلا خلاف، غير انا نعتبر ان نشاهده، و قد أخرجه حيّا و لا نصدّقه على ذلك، لانه يجوز ان يكون مات في الماء، و عندنا لا يجوز أكل ذلك، و كذلك ما اصطاده اليهودي و النصراني من السمك، و الفرق بين صيد السمك و الذبحية على مذهبنا، ان صيد السمك لا يراعى فيه التسمية، و الذباحة يجب فيها التسمية، فلأجل ذلك لم يصحّ منهما، هذا آخر كلامه [3](رحمه الله). فتدبّره و اعتبره.
و أيضا لو كان صيد السمك ذكاة حقيقة لما قال الرسول (عليه السلام) لمّا سئل عن ماء البحر، فقال «هو الطهور ماؤه، الحلّ ميتته» [4] فأحلّ ميتته فلو كان
[1] الناصريات المسألة الثالثة و المأتان، و العبارة هكذا، لا يحلّ السمك الذي يصطاده ذمي ..