لكن الإنصاف أن عدم وحدة لسان هذه الأخبار، و هذا الاختلاف
الفاحش المستفاد منها في مورد المساحقة المحصنة- على فرض حملها على ذلك- يوجب
الإشكال و الإبهام في الاستفادة من الروايات.
و لذا ترى أن صاحب الجواهر استراح بالأخذ بروايات الجلد للشهرة و غير
ذلك فإنّه بعد الخدشة في دلالة الصحيح و في سند الصريح- حيث احتمل في الصحيح
الدّال على أن حدّه الزنا، إرادة المماثلة في الجلد، و الإيراد على رواية الاحتجاج
و كذا رواية سيف التّمار بقصور السند و عدم الجابر- لجأ إلى القول الأوّل.
قال بعد ذكر روايتي الاحتجاج و سيف: إلّا أنّهما مع قصور سندهما و لا
جابر و اشتمال الأوّل (رواية الاحتجاج) على ما لا يقول به الأصحاب من تفسير
الفاحشة بذلك كالإحراق بالنار في الثاني- قاصران عن المقاومة لما عرفت.
أقول: مراده (بقوله: ما عرفت) هو ما أفاده في صدر البحث من أن الجلد
مأة موافق للأكثر أو المشهور أو كونه إجماعيّا فراجع.
ثم قال: و من ذلك كلّه بأن ذلك أن الأوّل أولى و أحوط خصوصا بعد درء
الحدّ بالشبهة انتهى.
و الظاهر أن الأمر كذلك لو كانت الشهرة محقّقة و بالغة الحدّ المعتبر
لجبر الضعف.
و أمّا كونه أحوط فلعلّه لا يخلو عن كلام و ذلك لعدم جريان الاحتياط
في الدوران بين المتباينين [1] و الحاصل أن البحث يقتضي مزيد التأمّل.
ثم إنّ مقتضى الإطلاق كما أفتى و صرّح به المحقّق هو أنّه لا فرق بين
الحرة
______________________________
[1] أقول: الظاهر أنه من باب الأقل و الأكثر لا المتباينين كما قد
عرفت أنه رحمه اللّه قد أفتى من قبل بأن الأشبه أن المحصن يجلد و يرجم.
ثمّ إنّه دام ظله لم يزد على قاعدة الدرء شيئا و الظاهر أنه اختار
القول الأوّل. أعني وجوب الجلد مطلقا.