و ظاهر هاتين الروايتين و خصوصا الثانية منهما عدم جواز التعدّي عن
المقدار المذكور في كلّ واحد منهما فإنّ الاقتصاص ظاهر في أنه كان الزائد محرّما،
و الاقتصاص لا يساعد الكراهة.
هذا مضافا إلى أن منتهى الضرب في هاتين بالنسبة إلى الصبيّ بمقتضى
الرواية الأولى هو السّتّة و بمقتضى الثانية ثلاثة و إن كانت الأولى مطلقة و
الثانية مختصّة بالمعلّم، و كيف كان فلا ذكر عن العشرة فيهما.
نعم في مرسلة الصدوق قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا
يحلّ لوال يؤمن باللّه و اليوم الآخر أن يجلد أكثر من عشرة أسواط إلّا في حدّ و
أذن في أدب المملوك من ثلاثة إلى خمسة [1]. و هنا قد ذكرت العشرة إلّا أن الرّواية
متعرّضة للوالي.
اللّهم إلا أن يقال إنّ المراد من الوالي هو والي الحدّ و من بيده
أمره، أو بعدم الخصوصيّة له، و إن كان المراد من الوالي معناه المصطلح لكن بتنقيح
المناط يقال بذلك في غيره. و لعلّ نظر المحقق من ذكر العشرة كان إلى هذه الرواية
إلا أن التعبير ب لا يحلّ و كذا توصيف الوالي بالإيمان باللّه و اليوم الآخر الذي
يفيد أن
______________________________
روي أنه دنا من أمير المؤمنين عليه السلام صبيّان فقالا: يا أمير
المؤمنين خاير بيننا قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنّ الجور في هذا كالجور في
الأحكام أبلغا مؤدبكما عنّي أنه إن ضربكما فوق ثلاث كان ذلك قصاصا يوم القيامة.
قوله: خاير أي اختر بينهما و أحكم أيّهما خير و المراد خير الخطّين.
[1] وسائل الشيعة ج 18 ب 10 من أبواب بقية الحدود ح 2، أقول: و قد
يستدلّ بصحيحة حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه قال: لا بأس أن يؤدب المحرم
عبده ما بينه و بين عشرة أسواط.
قال بعض الأعاظم: و هذه الصحيفة و إن وردت في المحرم إلّا أنه إذا
جاز للمحرم أن يضرب عبده عشرة أسواط جاز لغيره بالأولوية.