ينحصر اثر الغسل في تجويز العبادة بل له
آثار أخر عظيمة كعدم وروده في المحشر مع الجنابة التي هي نوع قذارة روحيّة فيؤثّر
غسل الجنابة في ان يرد القيامة طاهرا متطهّرا بخلاف ما إذا لم يغتسل منها كما يظهر
ذلك من قصّة الشاب الذي كان ينبش القبور و ينزع و أكفان الموتى و كلام الجارية
التي كانت من بنات الأنصار بعد موتها و عند ما زنى ذلك الشّاب بها و أخذ كفنها حيث
نطقت بإذن اللَّه و قالت: يا شاب ويل لك من ديّان يوم الدين يوم يقفني و إياك كما
تركتني عريانة في عساكر الموتى و نزعتني من حفرتي و سلبتني أكفاني و تركتني أقوم
جنبة الى حسابي فويل لشبابك من النار[1].
و مع ذلك كلّه ففي وجوب غسل الجنابة هنا إشكال لأنهم لا يقولون
بوجوبه على الميّت الذي كان جنبا و ان كان خبر عيص- قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه
السّلام: الرجل يموت و هو جنب قال: يغسل من الجنابة ثم يغسل بعد غسل الميت[2]- يدلّ على الوجوب لكن المشهور لم
يعملوا به فلا اعتبار له فلو كان هذا الخبر و الخبران الآخران المنقولان عنه بهذا
المضمون معتبرة معمولة بها لكنّا نقول بالوجوب، و لكن مع عدم إفتاء المشهور فلا، و
على هذا فليس يجب على الميّت غسل الجنابة لعدم مستند صحيح، لا لانّ غسل الجنابة
غيري و هو ساقط عن الميّت و ذلك لما عرفت من ضعفه، و لو لا ضعف الخبر لكان اشكال
الوجوب الغيري قابلًا للدفع بما ذكرناه من الوجه.
هذا مضافا الى روايات عديدة ناطقة بعدم وجوب غسل الجنابة مع كونه
جنبا و الاكتفاء بغسل الميّت و لعلّ ما ذكر في خبر عيص كان لتحصيل مزيد الثواب.
نعم انّه و ان لم يكن بواجب لكنّ الاحتياط حسن.
و هذا الذي ذكرناه في الميّت الجنب يجري في المحكوم بالرجم الذي كان
عليه غسل الجنابة و يزيد هنا التأييد بمرفوعة محمّد بن خالد و قول أمير المؤمنين
[1] أمالي الصدوق المجلس 11 الصفحة 27 و بحار
الأنوار الجلد 6 الصفحة 23.
[2] وسائل الشيعة الجلد 2 الصفحة 722 الحديث 7 من الباب
31 من غسل الميّت و الحديث 5 و 6.