لا يقال: انّه و ان لم يرد دليل صريح صحيح
يدلّ على اعتبار خمسين فرسخا الّا انّ ما حكى من نفى الامام علىّ عليه السّلام
بحسب الموارد و المصاديق كان الى مواضع لا تقصر عن ذلك فإنّه عليه السّلام قد نفى
إلى البصرة مثلا و معلوم انّ المسافة بينها و بين الكوفة أزيد من خمسين فرسخا و
هكذا ما نقل من نفيه الى الروم و غير ذلك [1].
لانّه يقال: انّه مجرّد ذلك لا يدلّ على الاختصاص و اعتبار هذا الحدّ
لانّه مجرّد العمل و لعلّه عليه السّلام راى مصالح في ذلك.
أضف الى ذلك ما نقل من انّ عمر نفى الى فدك و هو و ان لم يكن بنفسه
دليلا الّا انّه دليل بضمّ انّه كان ذلك بمرأى و منظر الإمام أمير المؤمنين عليه
السّلام و الظاهر كفاية مطلق التغريب و صدق كونه غريبا و مجرّد نفيه الى بلد آخر
أيّاما شاء، و ذلك بمقتضى لفظ التغريب و النفي و إطلاقهما، و عدم ما يصلح للتقييد
و التحديد.
و منها انّه يجب نفيه الى اىّ مدّة؟
نقول: مقتضى الاخبار الكثير الواردة في هذا الباب انّ مدّة نفيه التي
يجب منعه فيها عن دخول البلد سنة كاملة، و هذه الاخبار بعضها بلفظ حول و بعضها
بلفظ عام و بعضها بلفظ سنة.
فمن الأوّل خبر حنان، ففيه: يضرب مأة و يجزّ شعره و ينفى من المصر
حولا و يفرّق بينه و بين اهله[1].
و من الثاني النبويّ صلّى اللَّه عليه و آله: البكر بالبكر جلد مأة و
تغريب عام.
______________________________
الصفحة 3 من كتاب الحدود: و حدّ التغريب ان يخرجه من بلده أو قريته
الى بلد آخر و ليس ذلك بمحدود بل على حسب ما يراه الامام. و قال قوم: ينفيه الى
موضع يقصر فيه الصلاة حتّى يكون في حكم المسافر عن البلد إلخ.
[1] من هذا العبد و قد تفضّل سيّدنا الأستاذ الأفخم دام ظلّه بما
هو مذكور في المتن.
[1] وسائل الشيعة الجلد 18، الباب 7 من أبواب حدّ
الزنا الحديث 7.