نام کتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة نویسنده : البحراني، الشيخ يوسف جلد : 18 صفحه : 173
أقول: لا يخفى ان الذي حصل من فعل السحرة يومئذ، هو كون تلك الحبال و العصي التي ألقوها حيات تتحرك، و من الظاهر ان الحركة الثابتة لها ناشئة من الزيبق بعد طلوع الشمس عليها، و اما كونها حيات في نظر الناظر إليها يومئذ بهذا، هو الذي حصل به السحر في أعين الناس حيث انهم بعد رؤيتها حبالا أولا و عصيا، صارت حيات في نظرهم ثانيا، و أكد ذلك حركتها، فكونها حيات في نظرهم لا بد من حمله على مجرد التخيل و التوهم، الذي نشأ من سحرهم و لذلك قال سبحانه:
«يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعىٰ»[1]. و لانه لو أمكن الساحر ان يقلب حقيقة من الحقائق إلى حقيقة أخرى، لزم مشاركته لله تعالى في الخلق، و هو باطل عقلا و نقلا، و لأمكن أن يعيد نفسه من الهرم الى الصغر، و يدفع عن نفسه الأسقام و الالام، و الكل مما يقطع ببطلانه عند جملة الأنام.
و قد ورد
في حديث الزنديق الذي سأل الإمام الصادق (عليه السلام) المروي في الاحتجاج [2]، قال: أ فيقدر الساحر ان يجعل الإنسان بسحره في صورة الكلب و الحمار أو غير ذلك؟ قال: هو أعجز من ذلك و أضعف من ان يغير خلق الله سبحانه، ان من أبطل ما ركبه الله تعالى و صوره فهو شريك الله تعالى في خلقه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، لو قدر الساحر على ما وصفت، لدفع عن نفسه الهرم و الآفة و المرض، و نفى البياض عن رأسه، و الفقر عن ساحته. و قال (عليه السلام) في الحديث المذكور لما سأله الزنديق فيما سأله، فقال: أخبرني عن السحر ما أصله، و كيف يقدر الساحر على ما يوصف من عجائبه و ما يفعل؟ قال (عليه السلام): ان السحر على وجوه شتى، وجه منها بمنزلة الطب، كما ان الأطباء وضعوا لكل داء دواء فكذلك علم السحر، احتالوا لكل صحة آفة، و لكل عافية عاهة، و لكل معنى حيلة، و منه نوع آخر: خطفة و سرعة و مخاريق و خفة و نوع منه ما يأخذ أولياء الشياطين منهم. قال: من اين علم الشياطين السحر؟ قال: من حيث عرف الأطباء الطب،