أحد أو زرع هو بنفسه وحبسه ؟ الظاهر هو الثاني لعدم اختصاص الحكرة بالاشتراء ، وأمّا ما ورد في صحيحة سالم الحنّاط[1] من أنّ حكيم بن حزام كان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كلّه فمرّ عليه النبي (صلّى الله عليه وآله) فقال له ياحكيم بن حزام إيّاك أن تحتكر ، فهو بيان لمورد من موارد الاحتكار فلا يوجب اختصاص الحكم به .
وأمّا ما في صحيحة الحلبي من قوله " إنّما الحكرة أن تشتري طعاماً وليس في المصر طعام غيره فتحتكر فإن كان في المصر طعام غيره فلا بأس " فالمفهوم المستفاد من كلمة إنّما الحصرية هو أنّه لو كان في المصر طعام غيره فلا بأس كما صرّح به بعده لا أنّ مفهومها أنّه إن لم يشتر الطعام فلا بأس ولا احتكار حتّى يتوهّم أنّ الاحتكار يدور مدار الاشتراء فينتفي عند انتفائه ، فهي أيضاً بيان للمورد الغالبي في الاحتكار لأنّ الغالب في التجار هو الاشتراء دون الزرع أو الاتّهاب . فالمتحصّل أنّ الاحتكار لا يختصّ بالشراء .
الجهة الخامسة : أنّ الحاكم يجوز أن يجبر المحتكر على البيع ، وهذا ممّا لا خلاف فيه بينهم ، نعم لا يمكنه التسعير على ماله بل يجبره على أن يبيع الطعام بأيّة قيمة أراد ما لم يبلغ إلى حدّ يوجب منع الناس عن الاشتراء لأنّه ممنوع لرجوعه إلى الاحتكار في السوق ، إذ الاحتكار ليس بمعنى إخفاء المال ووضعه في الدار بل المراد منع الناس عن الوصول إليه ولو مع مشاهدتهم إيّاه كما إذا أراد بيع ما يسوى بدرهمين بدينارين ، وقد حكي عن النبي (صلّى الله عليه وآله)[2] أنّه (صلّى الله عليه وآله) لم يسعّر للطعام وقال التسعير بيد الله تعالى بحسب الزيادة والنقصان أي بحسب
ــــــــــــــــــــــــــــ