وأمّا الرّوايتان الاُوليان فلأنّ الأخبار الواردة في إغناء غسل الجنابة عن الوضوء إشتمل بعضها [1] على أنّ الوضوء على غسل الجنابة بدعة محرمة ، ومعه يكون استثناء غسل الجنابة قرينة على أنّ المراد من صدرهما أنّ الوضوء مشروع في غير غسل الجنابة من الأغسال ، فلا دلالة لهما على أنّ بقيّة الأغسال لا تغني عن الوضوء ومن تلك الرّوايات ما عن الفقه الرّضوي [2] إلاّ أ نّه ممّا لا يمكن الإعتماد عليه .
الطائفة الثّانية من الأخبار
الطائفة الثّانية : وهي الّتي تدلّ على أنّ الغسل يغني عن الوضوء ، وهي جملة من الأخبار فيها روايات معتبرة وقابلة للإعتماد عليها .
منها : صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) "قال : الغسل يجزئ عن الوضوء ، وأيّ وضوء أطهر من الغسل"[3] ، وقد دلّت على أنّ طبيعة الغسل تغني عن الوضوء ، وقد حملها بعض الفقهاء (قدس الله أسرارهم) على غسل الجنابة ، إلاّ أ نّه ـ مضافاً إلى كونه تقييداً بلا مقتض ، لإطلاق الرّواية ـ لا يلائم التعليل الّذي ظاهره أنّ مطلق الغسل أطهر من الوضوء لا خصوص غسل الجنابة ، وإلاّ لبينه (عليه السلام) ، وإرادة خصوص غسل الجنابة منه خارجاً يستلزم تخصيص الأكثر ، وهو مستهجن .
ومنها : ما عن محمّد بن عبدالرّحمن الهمداني "كتب إلى أبي الحسن الثّالث يسأله عن الوضوء للصلاة في غسل الجمعة، فكتب (عليه السلام): لا وضوء للصلاة في غسل يوم الجمعة ولا غيره"[4] .
ومنها : ما عن عمّار الساباطي قال "سئل أبو عبدالله (عليه السلام) عن الرّجل إذا
ــــــــــــــــــــــــــــ