أن تعود إن عادوا" [1] .
وذلك أمّا أوّلاً : فلأ نّها ضعيفة السند بمسعدة لعدم توثيقه في الرجال [2] .
وأمّا ثانياً : فلقصور دلالتها على حرمة القتل ووجوب التبري عند الاكراه ، لأنه (عليه السلام) إنما نفى كون القتل على ضرره وبيّن أن ما ينفعه ليس إلاّ ما مضى عليه عمار ، ولم تدل على حرمة التعرّض للقتل حينئذ بوجه ، بل التعرّض للقتل والتبرِّي كلاهما سيّان .
والظاهر أن هذا مما لا كلام فيه ، وإنما الكلام في أنه هل يستفاد من تلك الروايات المستفيضة وجوب اختيار القتل وعدم جواز التبري واظهاره باللسان للصيانة عن القتل ، أو أنه لا يستفاد منها ذلك ؟
الثاني هو الصحيح ، وذلك لعدم دلالتها على تعيّن اختيار القتل حينئذ ، لأنها إنما وردت في مقام توهّم الحظر ، لأن تعريض النفس على القتل حرام ، وبهذه القرينة يكون الأمر بمدّ الأعناق واختيار القتل ظاهراً في الجواز دون الوجوب ، وعليه فالأخبار إنما تدلنا على الجواز في كل من التقيّة باظهار التبري منه (عليه السلام) باللسان وتركها باختيار القتل ومدّ الأعناق .
ويدلّنا على ذلك ما رواه عبدالله بن عطاء قال : "قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : رجلان من أهل الكوفة اُخذا فقيل لهما : ابرأا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فبرئ واحد منهما وأبى الآخر ، فخلي سبيل الذي برئ وقتل الآخر ، فقال : أمّا الذي برئ فرجل فقيه في دينه وأما الذي لم يبرأ فرجل تعجل إلى الجنة" [3] وقد دلّت على جواز
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الوسائل 16 : 225 / أبواب الأمر والنهي ب 29 ح 2 .
[2] الرجل ممن وقع في سلسلة أسانيد كامل الزيارات وتفسير القمي ، فعلى ما سلكه سيِّدنا الاُستاذ (مدّ ظله) من وثاقة كل من وقع في سلسلة أحاديث الكتابين المذكورين إذا لم يضعف بتضعيف معتبر ، لا بدّ من الحكم بوثاقته واعتباره .
[3] الوسائل 16 : 226 / أبواب الأمر والنهي ب 29 ح 4 .