فإنّه على ما ذكرنا ليس في البين تخصيص، فضلًا عن كثرته.
نعم لو قلنا بعدم شمول الرواية لكلام الشارع لزم التخصيص، و سنبيّن المراد على هذا التقرير أيضاً فيما يأتي إن شاء اللَّه، لكن إطلاق الرواية يدفعه [1].
ثمّ إنّ الظاهر من الجملة أنّ الكلام محرِّم و الكلام محلِّل: إمّا تكليفاً، كتحليل النكاح و تحريم الطلاق الاستمتاعات و لو بالواسطة، و هو إيجاد العلقة و إزالتها، أو وضعاً، كتحليل البيع و تحريم الربا.
و أمّا ما ذكر الشيخ (رحمه اللَّه) من المحتملات الأخيرة [2] فخلاف ظاهرها، كما لا يخفى على من لاحظها.
فالمتحصّل ممّا ذكرنا: أنّ إطلاق هذه الجملة على تقدير صدورها شامل لكلام الشارع أيضاً، و بذلك يمكن إثبات صحّة المعاطاة، فإنّ المحلّل لها هو كلام الشارع.
لا يقال: إنّ تحليل كلام الشارع و تحريمه مغاير لتحليل كلام غيره و تحريمه، فإنّه في الأوّل الكلام محلّل و محرّم من جهة تشريع الشارع، ففي الحقيقة إنّ التشريع محلِّل و محرِّم، و قد قيل في الأُصول: إنّ التحليل و التحريم غير منحصر بالتشريع و الكلام، فإنّ العبد إذا علم بغرض المولى، لزمه تحصيله و إن لم يتكلّم به المولى، و لم يشرّع ذلك، فكيف انحصر المحلِّل و المحرِّم في الرواية بالكلام؟! فهذا شاهد على أنّ الجملة غير شاملة لكلام الشارع، و لا يخفى أنّ هذا غير وارد في
[1] أقول: حيث إنّ ظاهر الرواية أنّها في مقام التشريع، لا الإخبار، و لا كليهما، فإنّ التمسّك بها لإثبات الحكم في المورد شاهد على أنّه كبرى شرعيّة، مضافاً إلى أنّ الأخير مستلزم للجمع بين الإنشاء و الإخبار في كلام واحد، و هو إمّا غير جائز أو خلاف الظاهر، فكلام الشارع خارج عن مدلولها، فإنّ تشريع التحليل و التحريم له غير ممكن، فإنّ العقل حاكم على أنّ كلام الشارع محلِّل و محرِّم، مضافاً إلى أنّ تشريع الشارع التحليل و التحريم لكلام نفسه لا معنى له، فليتدبّر. المقرّر حفظه اللَّه.