على ذلك و إما أن ترجع إليّ ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له. فقال أبو بكر: فإني أردّ إليك جوارك و أرضى بجوار اللَّه تعالى.
و النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) يومئذ بمكة،
فقال النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) للمسلمين: إني أريت دار هجرتكم بسبخة ذات نخل بين لابتين، و هما الحرّتان، فهاجر من هاجر قبل المدينة، و رجع عامة من كان بأرض الحبشة إلى المدينة، و تجهز أبو بكر قبل المدينة فقال له رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم): على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي. فقال أبو بكر: هل ترجو ذلك؟ قال: نعم [1].
و سيأتي بقية الحديث في باب الهجرة إلى المدينة.
رواه البخاري و البلاذريّ و غيرهما.
و روى ابن إسحاق عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال: لقيه- يعني أبا بكر الصديق- حين خرج من جوار ابن الدغنة سفيه من سفهاء قريش و هو عامد إلى الكعبة فحثا على رأسه ترابا فمرّ بأبي بكر الوليد بن المغيرة أو العاصي بن وائل فقال له أبو بكر: ألا ترى ما يصنع هذا السفيه؟ فقال: أنت صنعت هذا بنفسك. قال و هو يقول: أي ربّ ما أحلمك، أي رب ما أحلمك، أي رب ما أحلمك! ثلاثا.
تنبيه في بيان غريب ما سبق
الدّين: بالنصب على نزع الخافض أي يدينان بدين الإسلام، أو هو مفعول به على التجوز.
ابتلي المسلمون: أي بأذى المشركين لما حصروا بني هاشم و المطّلب في شعب أبي طالب و أذن النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) لأصحابه في الهجرة إلى الحبشة.
برك- بباء موحدة مفتوحة و تكسر فراء ساكنة فكاف. الغماد بغين معجمة مكسورة و قد تضم فميم مخففة فألف فدال مهملة: موضع على خمس ليال من مكة.
ابن الدّغنّة- بدال مهملة فغين مضمومتين فنون مشددة عند أهل اللغة، و عند أهل الرواية: بفتح أوله و كسر ثانيه و تخفيف النون. و ثبت بالتخفيف و التشديد عند بعض رواة الصحيح و هي أمّه و قيل أم أبيه و معنى الدغنّة: المسترخية، و أصلها الغمامة الكثيرة المطر.
و اختلف في اسمه فقال الزهري، كما رواه البلاذري: الحارث بن يزيد. و حكى السّهيلي أن اسمه مالك.
[1] أخرجه البخاري 5/ 75 و انظر البداية و النهاية 3/ 184.