الباب السادس عشر في الهجرة الأولى إلى الحبشة و سبب رجوع من هاجر إليها من المسلمين و كانت في شهر رجب سنة خمس من المبعث
قال ابن إسحاق فلما رأى رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) ما يصيب أصحابه من البلاء و ما هو فيه من العافية من اللَّه تعالى ثم من عمه أبي طالب، و أنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء قال لهم: لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد و هي أرض صدق، حتى يجعل اللَّه تعالى لكم فرجا مما أنتم فيه.
فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة و فرارا إلى اللَّه تعالى بدينهم فكانت أول هجرة كانت في الإسلام [1].
و كانوا- فيما قيل- اثني عشر رجلا و امرأتين. و قيل عشرة رجال. و به قال ابن إسحاق و ابن هشام و قيل اثني عشر رجلا و ثلاث نسوة. و قيل اثني عشر رجلا و أربع نسوة. و قيل: اثني عشر رجلا و خمس نسوة. و جزم به العراقيّ في الدّرر.
و كان أول من هاجر منهم عثمان بن عفان و امرأته رقية بنت سيدنا رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم).
روى يعقوب بن سفيان (رحمه اللّه تعالى) عن أنس رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قال إن عثمان لأول من هاجر بأهله بعد لوط.
و عبد الرحمن بن عوف. و أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة و معه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو. و الزبير بن العوام بن ربيعة. و مصعب بن عمير، و أبو سلمة بن عبد الأسد و امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة، و عثمان بن مظعون، و عامر بن ربيعة و امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن غانم بن عبد الله بن عوف بن عبيد.
قال الحافظ الوقشي: كذا وقع و إنما هو غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بفتح العين المهملة- ابن عويج بفتح العين المهملة و كسر الواو فمثناة تحتية فجيم و أقره الخشني و ذكر أبو عمر مثله.
و روى الطبراني بسند صحيح عن ليلى بنت أبي حثمة قالت: كان عمر بن الخطاب من أشد الناس علينا في إسلامنا، فلما تهيأنا للخروج إلى أرض الحبشة أتانا عمر بن الخطاب و أنا على بعيري و أنا أريد أن أتوجه فقال: أين يا أمّ عبد الله؟ فقلت: آذيتمونا في ديننا فنذهب في أرض اللَّه حيث لا نؤذى. فقال: صحبكم اللَّه. ثم ذهب فجاء زوجي عامر بن ربيعة